مسافات بين الحبر والدهشة

هناء الخويلدي -

كل بداية تحمل شغفًا صغيرًا يشبه بذرة ترويها الكلمات لتنبت فكرة وينمو منها معنى قد يلامس قلبًا أو يوقظ عقلًا في لحظة عابرة الكتابة بالنسبة لي لم تكن يومًا مجرد حروف تصطف بجانب بعضها بل كانت ولا تزال رحلة تأمل أفتح نوافذها على اتساعها لأتنفس عبرها وأشارككم بعضًا مما يفيض به داخلي

حين أكتب أشعر أنني أعبر مسافات بين الحبر والدهشة فالحبر هو ما ينسكب من داخلي على الورق أما الدهشة فهي ما ألقاه في أعين القارئ حين يلتقط كلماتي كأنها تخصه. هناك مسافة سحرية بين الفكرة وهي بذرة صامتة وبينها وهي تنمو في النص، وتغدو معنى يتجاوزني إلى الآخرين

في كل مرة أكتب أضع جزءًا من روحي وكياني يعبر عن هويتي ويقربني من ذاتي الكتابة بالنسبة لي ليست مجرد حروف بل مرآة أرى فيها نفسي وجسر يصلني بالآخرين وعزاء صامت يضيء العتمة هي حياة موازية لا تنتهي مسافاتها بين المعنى والحلم بين السؤال والجواب بين الحبر والدهشة

الكتابة هي مساحة حرة لأكون كما أنا بلا أقنعة ولا قيود هي مرآة أرى فيها نفسي بوضوح وفي الوقت نفسه نافذة أطل منها على قلوب الآخرين أحيانًا أكتب لأخفف ثقل فكرة عالقة وأحيانًا أكتب لأحتفظ بوميض لحظة أخشى أن ينطفئ مع مرور الوقت

إنه شغف لا يهدأ كلما أبحرت فيه ازداد اتساعًا وعمقًا وربما تكمن جمالياته في تلك المسافات التي لا تنتهي بين الحبر والدهشة فهي مسافات تعلّمني أن الكلمة ليست لي وحدي، بل هي جسر يصلني بالعالم ونداء خفي قد يجد صداه في قلب من يقرأ

وهكذا لم تعد الكتابة مجرد هواية عابرة بل حياة موازية أعيشها بحبر الروح وبدفء الأسئلة وبإيمان أن النصوص قادرة على أن تمنحنا عزاءً صامتًا أو بداية نور أو مجرد ومضة تُشعرنا أننا لسنا وحدنا في هذا الوجود.


اكتشاف المزيد من صحيفة جواثا الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى