الخال خلي والعم ولي

أحمد العطافي -

شاهدت مقطعا متداولا في إحدى منصات التواصل الاجتماعي يظهر فيه رجل يقول : “الخال ليس سند والعم ليس والد” وينتقص من حقهما ويقلل من مكانتهما – حقيقة عبارة قد تبدو صادمة للوهلة الأولى ولكنها تعبّر عن تجربة شخصية أو موقف أثّر في قائلها بعمق .

ففي ثقافتنا الخليجية وحتى العربية يقال : ” الخال خلي والعم ولي”وهذا ليس مجرد كلام إنما نابع من صلة الرحم وواجب القربى لكن الحقيقة المؤلمة أن البعض أساء لهذه المعاني فغاب الخال يوم الشدة وتخلى العم عند الحاجة فأهتزت الصورة النبيلة التي نشأنا عليها.

ليست المسألة في النسب إنما في الموقف فالخال الذي يساند ويحنو هو سند حقيقي والعم الذي يحتوي ويهتم هو والد بالفعل أما من يكتفي بالألقاب دون فعل فالأقارب بالاسم كثير لكن الأقرب بالفعل نادر !

ربما من قال تلك العبارة المنشورة عاش خذلانا جعلها حكمته في الحياة لكننا ما زلنا نؤمن أن هناك أخوالا سندا وأعماما آباء … فقط لمن يستحق .

عموما – يبقى “الخال” في كثير من الأسر هو القلب الحنون والسند الخفي والوجه البشوش الذي يشبه الأم حنانا وقربا . كما أن “العم” في بيوت كثيرة كان وما زال الأب الثاني والمربي والراعي بعد الأب ولطالما حمل أبناء إخوته على عاتقه بحب ومسؤولية .

إن إطلاق الأحكام العامة يفقدنا عدالة التقدير فليس كل خال بعيد وليس كل عم غريب وهناك من قام بالدور وأكثر وهناك من قصر ولكن ذلك لا يلغي الأصل في العلاقات وصدق النية التي تجمع الأرحام .

ففي هذا الزمن الذي تكثر فيه القطيعة وتضعف فيه الأواصر نحن بحاجة لإحياء ثقافة التقدير والوفاء لأهلنا ولنعلم أبناءنا أن السند لا يقاس فقط بالمواقف المعلنة إنما أحيانا يكون بكلمة أو بدعوة أو بحب خفي لا يظهر في العلن فلنكن نحن من يعيد لهذه الروابط قوتها لا من يهدمها فالخال سند إن أردنا والعم والد إن حفظنا له مقامه .

فما نحتاجه اليوم هو ترميم العلاقات وتعزيز القيم وتقدير كل من يحمل في قلبه خيرا لنا لا أن نقلل من مكانة أحد أو نُطلق الأحكام جزافا بناءً على تجارب شخصية لا تنطبق على الجميع .

للتواصل : a-attafi@hotmail.com


اكتشاف المزيد من صحيفة جواثا الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى