قراءة في على عتبات الضوء

قراءة في ديوان على عتبات الضوء، للمؤلف/ناصر عبد الله الوسمي، الطبعة الأولى: 1446هــ /2024 م 1- قصيدة (سحابة صيف). الصيف في المناطق الصحراوية يحمل معه معاناة قاسية؛ من الأمراض الجلدية، والإرهاق، والجفاف، وغيرها من المنغصات. ومع كل هذا، يأتي الحب كزائر مباغت، يُقذف في القلب دون سابق إنذار، لا يشبه هذا الصيف الذي يتمنى المرء الهروب من قسوته بالسفر، كما كانت رحلة الشتاء والصيف قديمًا.

اليوم، يبحث الناس عن ملاذٍ من الحرّ في الكهوف الباردة، والجبال العالية، والعيون ذات المياه العذبة، وبين حقول الأحساء الجميلة، حيث يحلو اللقاء مع المحب تحت ظل نخلة، كما يُقال: الخضرة، والماء، والوجه الحسن. يأتيك بعض الحب مثل سحابة صيفية، وبها يشح هطول والحب كذبة عابر في بعضه كسراب ماء.. للجفافِ يَؤول لكنها الحب الشفيف مشاعر خضراء تُروَى مِنْ نَداه حقول كالشمس كُن في الحب يشرق ضوؤها لا يعتري في الحب منك أفول

2- قصيدة (سمراء). المرأة السمراء تحمل جمالًا خاصًا يعبر عن الأصالة والدفء، وتغنى الشعراء بالمرأة السمراء عندما عُوتِبَ أبو العتاهية لِعِشقِهِ فتاةً سمراء قال: النَّاسُ تعشقُ من خالٌ بِوجنتهِ فَكيفَ بِي وحبيبي كُلَّهُ خالُ؟ وقال الشاعر كريم العراقي: ونسيتُ دائي حين جاء دوائي من ذا يقاومُ نظرةَ السمراءِ؟
ومن حكمة واقوال عن المرأة السمراء من وحي الطبيعة: المرأة السمراء كالقهوة، لونها عميق، رائحتها آسرة، ومذاقها لا يُنسى. سمراء تحكي مشية الغزلان وهيَ المَلاكُ بسحرها الفتان سحرت بنظرتها عيون مُولّهٍ قد عاش عُمْرًا عيشة الهَيْمانِ ولعشقها القتال يحمله الهوى إذ جاء يحمل لوعة الحِرْمان سمراء تجذبني وكُلّي عاشق كتب الغـرام بـقـلـبه الولهان

3- قصيدة (ابنة الأحساء). الأحساء الحبيبة، بما تمتلكه من قوى بشرية، ومقومات طبيعية وبيئية، تُعَدُّ منبعًا للعطاء والجمال. ومن أجمل ما تُقدّمه هذه الأرض الطيبة: الفتاة الأحسائية، بما تتميز به من جمال، وأخلاق، وذوق رفيع، وحب للزوج، وحرص على رعاية الأبناء.تستمد الفتاة الأحسائية قوتها وعطاءها من النخلة، تلك الشجرة المباركة التي لا يصدر عنها إلا الخير، فهي رمزٌ للثبات والسخاء، كما هي الفتاة الأحسائية:
أمًّا وزوجةً وابنةً، تؤدي أدوارها كلها بمحبة وتفانٍ.وقد وصلت الفتاة الأحسائية إلى مراكز علمية مرموقة، ووضعت بصمتها على المستويَين المحلي والدولي. وجمالها لا يقتصر على المظهر، بل ينعكس من جمال الطبيعة من حولها، ليزيدها إشراقًا وحُسنًا.

أحبك يا ابنة الأحساء حبا يُدَاعِبُ وَجَنَةَ القَمَرِ المُضيء غامِرُ فِي غَرَامِكِ كُلَّ حينٍ وأنتِ حكاية القلب الجريء فَكَمْ عِشْنا ربيع العُمْرِ حُلْمًا توَضَّأَ مِنْ سَنَا الحُبِّ البَريء وذي نَجْوَاكِ تَــغـــفــرُ كُلَّ ذنبٍ ويحلو في الهوَى ذَنبُ المسيء

4- قصيدة (خطوات الندى). بعد قصيدة (سمراء، ابنة الأحساء) يتفنن الشاعر ويصف لنا جمالها واخلاقها كربيع أخضر (وتمشي حيا، ولها الأزَاهِرُ تعثر) تعبير جميل ينم عن روح شفافة لشاعر مرهف الحس.

بغيابها عُمْرِي خَرِيفٌ يَابِسٌ وإذا انتشيْتُ بها.. ربيع أخضر سَادَتْ بِخطوتها الحِسَانَ، وَإِذْ بِها وتمشي حيا، ولها الأزَاهِرُ تعثر نتقاسمُ الضَّحِكَاتِ فِي سَمَرِ اللقا والليل يحكي عشقنا ويُسطر وبحبنا نحيا الوصال، وشعرنا ملك بعرش في الورى يتصدر

5- قصيدة (على براق الحنين). بعد كل ما ذكر سابقا من تغزل ووصف ومحبة الى فتاة الأحساء يصف اللقاء والعناق يأتي ترجمة كل تلك المقدمة والتمعن بما حمل من مشاعر ومحبة.
سيحلو العناق بشوق اللقا وَيُشْعِلُ كُلِّي هَوَى الإلتصاق تغَشَى فُؤَادِي عَذَابُ الغِيَابِ كما قد تغشى البدُورَ المُحَاقُ وَحَالِي كَحَالِ الَّذِي فِي السُّرَى يُرَبِّي لِقَاءً وَيَهْوَى اللَّحَاقُ

6- قصيدة (أمي) أنشودتي التي لا تخبو أبدًا.
وبعد الزواج، تتحوّل الفتاة التي تزوجها إلى أم، ويأتي الابن البار المُحب، يُنشد الشعر ويُعبّر عن الأم التي، مهما قيل في فضلها، تبقى الكلمات قاصرة.
ويقول الشاعر حافظ إبراهيم في قصيدة العلم والأخلاق: الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتَها … أعددتَ شعبًا طيّبَ الأعراقِ وعندما تجلس مع الأم، يحلو اللقاء بنشوة السمر، ويبعث دفء حضنها الطمأنينة في النفس. تُنصت إلى دعائها، وتستمتع بكلمتها الطيبة، وتحنّ إلى لمستها الحانية، وعطفها الذي لا يُقاس ولا يُقدَّر بثمن.
أمي أُحِبُّكِ حُبَّ الرِّوضِ لِلمَطَرِ وَكُمْ أَتُوقُ إِلى نَجْوَاكِ فِي السَّحَرِ!! بالحبِّ أَشْتَاقُ شَوقَ اللَّيْلِ فِي غَسَقٍ وتقرأُ الشَّوق منّي أعين القمر حديثك الشهد كم أهوى الحياة به!! يحلو اللقَاءُ وَتَحْلُو نَشْوَةُ السَّمَرِ إن غبت أهفُو إلى رؤياكِ أُغنيةً وتعزفُ الرُّوحُ مِنِّي نَعْمَةَ الوَتَرِ فحضنك الدفء بالألطَافِ يغمرني دُعاؤك الحصن يحميني مِنَ الخَطَرِ

7- قصيدة (هندسة الجمال). للكاتب والمهندس الكبير عبد الله بن عبد المحسن الشايب، الذي ترى في وجهه تاريخ الأحساء وأمجادها الحضارية والمعمارية.
دور الابن البار للأحساء الحبيبة الذي قدم من خلال مسيرته العلمية في الدراسة والبحوث الجامعية وبعد ان تخرج بدأ في بث روح احياء التراث الإنساني والحفاظ على القوى الناعمة ممن تحمل حرف مهنية تراثية وقد ساهمت علاقاته القديمة مع الحرفيين الشعبيين في الاستفادة من خبراتهم في تدريب المتدربين الجدد وتعليمهم أصول الحرفة وأسرارها. كما أنه أسس ولأول مرة المناهج التدريبية على الصناعات الحرفية حيث وضع آلية لوضع المناهج ضمن التدريب للاستفادة منها وتعميمها. ولقد اختار المسمى للمركز فالنخلة رمز حضاري عريق في وطننا الغالي. تأسس مركز النخلة للصناعات الحرفية في الأحساء قبل 23 عامًا، وتحديدًا في عام 1424 هـ. يعتبر هذا المركز أول مركز للتدريب على الحرف على مستوى المملكة.
وهناك الكثير من الصناعات الحرفية التي تعتمد على النخلة ومن هذه الصناعات:
1-صناعة السموط ومنها مقفى الرطب والمنز والسجم. 2-الصناعات الخوصية مثل: السفرة والحصير والسلال والمحصن. 3- صناعة قطع الجذوع ونجارتها. 4- صناعة الجص. 5- صناعة الليفيات مثل الحبال والمخاد والخرج والكر. 6- صناعة المهباش. 7 -صناعة الأطعمة المعتمدة على التمر ومنها السفسيف والكليجة والدبس والمعمول والفتيت.

أَرَاكَ الطَّودَ فِي شَمَمِ الليالي وَأَلْبَسْتَ الحَسَا ثَوْبَ المعالي وَهَنْدِسْتَ الحَضَارَةَ فِي رُبَانا كما ضَاءَ السّما بدر اكتما ومعدنك النفيس يصُوعُ فخرًا وَمِنْكَ الجُودُ بحرٌ مِنْ لآلي وَأَنْتَ (الشَّايب) المَنْعُوتُ عزا وَمَقْرونًا بِهَندَسَةِ الجَمَالِ وَأَنْتَ حَضَارَةٌ مَا شِخْتَ يَومًا فتِيَّ الحَرفِ فِي وَهَجِ المَقَالِ

6- قصيدة (الأحساء وطن الجمال). وتذكير انه في يوم الخامس عشر من شهر شوال عام 1438 يوما تاريخيا في الأحساء اذ تم فيه تسجيل واحة الأحساء في قائمة التراث العالمي التابع لليونسكو. للكاتب والمهندس الكبير عبد الله بن عبد المحسن الشايب دور كبير في ذلك.وفي قصيدة برائحة وجمال النخيل واحة الأحساء وما حازت عليه الأحساء الحبيبة والمبدعة التي أصبحت أحد مواقع التراث العالمي في عام 2018 م. كما أنها دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية في 8 أكتوبر 2020 م كأكبر واحة نخيل في العالم، بالإضافة إلى أنها جزء من شبكة المدن الإبداعية لليونسكو منذ ديسمبر 2015م. وتُعدّ من أكبر واحات النخيل الطبيعية في العالم، وخامس موقع سعودي ينضم إلى قائمة مواقع التراث العالمي الإنساني لليونسكو. وكما يقال: الحسا حساك لو الدهر نساك.

ألق الجمال توطَّنَ الأَحْسَاءَ وهوى النخيل يُتوّجُ الشَّعراء هِيَ هَجْرُنا أم ولُودٌ والسما قد صيّرت (أَبْنَاءَها) أُمراء هِيَ هَجْرُنا بدجى الزمان منارة تبقى، وتزهو دُرّةً نوراء هِيَ غُرَّةُ البَدْرِ السِّنِي وشمْسُنا بعيونها تتسيد الأنحاء

في نهاية المطاف همسة: (أعظم شعور في الحياة،، أن تنجز شيئا قال عنه الآخرون أنه مستحل!!). وهذه قراءة قد تكون تعبيرا قاصرا عما يريد الشاعر من معنى، ولكن الكل يقرأ الصورة من عين وإحساس وتلمس لمعاني الكلمات والحروف وهمس ولمز يبقى لمن يقرأ هو يوافق أو يرفض التعليق، وخصوصا من الشاعر الذي تجاسرنا بتصفح الديوان بهذه الطريقة واجتزاء بعض الأبيات من قصائده.

Check Also

عين تلمع بالعطاء

بكل الحزن والأسى أكتب عن رحيل رجل لم يكن عابرًا في ذاكرة بلدة الرميلة بل …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com