سأقتلك دام رأيك يختلف عني بعد ان اقتلك سأنظر في دماغك حتى ارى ان كانت تختلف كما تعلم عن ادمغة الآخرين الذين رأيتهم… هذا هو عنوان المرحلة الراهنة والتي سوف تتفاقم ان لم نتعامل معها بوعي وحزم جديين ففي بعض المجتمعات ما ان تكشف اللثام عن وجهك وتعبر عن رأيك الا ووجدت رسائل التهديد وعمليات الاغتيال تلاحقك لأن المتعصببن لأراءهم والمتضررة مصالحهم لهم طبيعة تتسم بالعدوانية تجعلهم في حالة صم عن سماع كل صوت او فكر او وجهة نظر مخالفة لهم متناسين ان من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعاً لكن هيهات ان يفهموا هؤلاء المغيبون والمعميون على قلوبهم وابصارهم والعجب كل العجب من اصرارهم وعنادهم متمسكين بافكارهم ومتجاهلين ان للأراء الأخرى وجهات نظر وتجارب مختلفة تثري معلوماتنا وتصحح أخطائنا يقول الشافعي رحمه الله ((كلامي صواب يحتمل الخطأ وكلام خصمي خطأ يحتمل الصواب)) ان اعتقاد الشخص بالصواب ومحاولاته في طرح رأيه ليتبعه الآخرون هو امر مشروع ولكن ليس عبر الفرض والتهديد واستعمال القوة وليس من العقل والمنطق اجباره وهنا نقف لنتسائل هل الدين يسمح بالوصايا الفكرية والنيل من حرية الآخرين وحقوقهم لأن اغلب من يمارسون هذه الوصايا هم من يتسترون خلف عبائة الدين ويعتبرونه تكليفاً وواجباً شرعياً.
ونأتي على الجواب من القران الكريم و السنة النبوية التي تأكد على حرية الإنسان وبحقه في الأختيار لأن الله وهبه زينة العقل فيتحمل مسؤولية خياراته وقراراته والدليل واضح كالشمس ان الله لم يفرض عبادته وجعل الانسان مخير ففي قوله تعالى (( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)) فإذا كان الخالق بعظمته لم يفرض عبادته عن طريق القسوة والجبر فكيف يحق لفلاناً وفلان من الناس الإستبداد والتحكم بمصائر الناس واعتقاداتهم وارائهم وان يفرض عليهم اراءه باستعمال وسائل الاضطهاد والتنكيل والقتل ضد المخالفين له وهذه الوسائل جميعها هي في الغالب بدافع مصلحي يهدف لتحقيق الهيمنة على الآخرين واقصائهم وتجريدهم من حريتهم ويبررون هؤلاء افعالهم على انها الرغبة في نشر الحق بإسم الله والصالح العام فربما مايكون الصالح بعينك فاسد بعين غيرك يمكنك النظر الى العالم من زاويتك لكن لايمكنك ان تجبر العالم بأسره النظر من خلالها لانها حقيقة يرفضها العقل والمنطق.
لذا علينا ان نعمل على تعزيز فكرة الحوار والتبادل الفكري ونقبلها بقناعة وايمان لأن الاختلاف هو سنة كونية اقتضتها مشيئة الباري عزة وجل ان جعل الناس مختلفين وذلك لخير البشرية لا لشقائها وتعاسة ابنائها قال تعالى ((ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولايزالون مختلفين)).