راحلة عبر عيونه ومبتسمة في وجهه يسافر صدى ضحكاته عبر الأثير إلى أذنيها ، تلملم أشلاء رحلته الدراسية بذكريات الطفولة , لا تغادر شاطئ احلامه , تبدو شمس الضحى شاحبة في عينيها. بشهر يونيو عادة تهب رياح شديدة محملة بالغبار الكثيف ، تؤنس نفسها بتلاوة آيات الذكر الحكيم في غسق الدجى وتصغي إلى دعاء الإفتتاح في محراب التراتيل ، مشاعر الأم تفيض
كلما أشتد الألم ، يهجر النوم جفونها ، تتبعثر نبضات قلبها في مهب الرياح ، تتأمل بالسحر وجه السماء ، ما زالت أوراق الأشجار الخضراء تتساقط على مياه سارية لا تجد نهاية لجريانها، عند كل آذان مغرب وقبل الفطور تيمم وجهها نحو محراب قلبها البعيد جسدا عن روحها القريب احساسا لكيانها ، في كل مرح بغربته يصبح عيدا في قلبها، تأسره نظرات الأمومة في وجوه الامهات وهن يمشين مع ابنائهن , بكل حرف يقرأه يشعر بحنان الأمومة ، عند كل مساء على سريره يتدثر بالحب والحنان .
في آخر حلم لها تقدم له ورود التخرج في آخر الحلم ، أخذت بأنامل يده ليتحسس دربها وتتنفس بأنفاسه ، كانت تتذكر كنزته التي كان يحبها يلبسها إذا أحب أن يذهب لأصدقائه ،اختنق الأمل في صدرها وهو يعبر طريق الظلام ، ذبلت أوراق عباد الشمس قبل بزوغ الصباح ، عادت إلى ذكرياتها وهو يفطر من حبها ويطفأ عطشه من حنانها ، أخبروها بوفاته، تذكرت بداية وهي تحادثه ماذا ستلبس بالعيد ، توقفت دقات الفؤاد وأرتدت ملامح الوجه بالصمت ، لحقت به روحها ، وبقيت تنتظر دفنها بمجاورة فلذة كبدها.
علي عيسى الوباري