الحنين لمسقط الرأس

بعد أن هجرنا ديارنا من أجل البحث عن الوظيفة وتأمين لقمة العيش لمن نعول والبعض هجر ديرته للبحث عن الخدمات الصحية والتعليمية لكن مهما وجدنا في المدن من الراحة والمساكن الفارهة إلا أن الحنين لمسقط الرأس مسيطر على وجدان قلوبنا.

رغم صعوبة العيش في تلك القرى الحزينة على ساكنيها الذين تركوا منازلهم ومزارعهم وتلك الفجاج الواسعة والجبال الشاهقة كنا نسكن في عشاش وصبول مصنوعة من الخشب نغطيها بشجر المرخ أو نسطحها بقصب الذرة أو قصب الدخن أوسعف النخل ، ونسكن في هدوء وراحة بال وكأن الواحد منا ساكن في مبنى متعدد الأدوار لاهم ولا دين من وجد قوت يومه شكر الله وأن وجد غير ذلك حمد الله الكل مشغول بحلاله وبلاده.
لا تكلّف ولا تكلفة الكل عائش على ما يسر الله له .

ذهبنا للمدن نبحث عن الراحة والحضارة فوجدنا مغريات غيرت طباعنا حمّلنا أنفسنا فوق طاقتها بنينا العمائر وشرينا السيارات ثم أوقعنا أنفسنا في الديون والهم ملازمنا ليلاً ونهاراً ثم قمنا نتذكر مسقط الرأس بعدما وقع الفأس في الرأس.

تذكرنا البساطة تذكرنا تلك اللحمة سكنا المدن في أرض ٢٠*٢٠ سجنا أنفسنا بطوعنا وتركنا تلك الأودية الوسيعة نسرح ونمرح أسرتنا في فيَّة جدران منازلنا نشاهد مواشينا تسرح وتضوي نشاهد سالكي تلك الطرق.

نستمتع بضوء القمر وتلك النجوم المتفرقة في السماء نستمتع بهدوء الليل ونفرح بإشراقة النهار نُسرِّح مواشينا نحمي مزارعنا .

مسقط الرأس عزيز كل من سلك الطريق ومر من أمامنا سلم أما المدن فالبيبان مصفدة مغلقة.

الله على الحرية نستمتع بأصوات الطيور نسمع أصوات مآذن مساجدنا على مسافات طويلة الأرض مكشوفة ما ندخل منازلنا إلا عند النوم ..

جميل أصوات المكائن على الآبار بعد صلاة الفجر وعند الغروب وخرير الماء بين القصاب.

Check Also

قراءة في على عتبات الضوء

قراءة في ديوان على عتبات الضوء، للمؤلف/ناصر عبد الله الوسمي، الطبعة الأولى: 1446هــ /2024 م …

4 comments

  1. لله درك أيها الشيخ كان زماننا الماضي ما اسهله وابسطه عشنا حياة بسيطه مليئه بالحب والصدق والاخوة اذا غبت عن المسجد او جمعة الجيران الصغير والكبير يسأل عنك واليوم نسأل الله السلامة والعافية لو تغيب سنين ما احد سأل عنك.
    مقال في قمة الروعة وجمال التعبير وانتقا الكلامات الجميله سلمت يداك ابا فهد…
    لك مني أجمل تحيه وتقدير

  2. عبدالله محمد عسيري ابوعبدالعزيز

    شجن وحنين أخذنا إلى تفاصيل أنيقة جدا للأسف فقدنا روعتها وجمالها …

  3. للامانة انا ولدة ونشات في تلك المدن ولاكن عند قراءة تلك الكلمات احسست بشي غريب ربما لاني قد عشت فترات في تلك الديار في صغري في الاحازات اسال المولى ان يطيل في عمرة العم غميس لمعرفتي به وبامكانياته لانني احد طلابة في سنة 1420

  4. حميد السالمي

    لا فض فوك يا ابو فهد مقال في الصميم

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com