كثيرًا ما يطرح علي سؤال وهو “لماذا زادت حالات أمراض القلب والسكري والسرطان لدينا في دول الخليج بهذا العصر عما كانت عليه بالسابق بالرغم من تناولهم للحوم الحمراء و السمن الحيواني بكثرة.
والحقيقة هو سؤال مشروع ومنطقي و في اعتقادي هناك أكثر من تفسير له . فقد يكون لرداءة طعامنا المصنع واسلوب حياتنا الخامل المعتمد على السيارات لإقرب المسافات والمصاعد والخدم و مدى ايمناننا بالله وامتنناننا له الذي يؤثر بشكل مباشر على مناعتنا وعاداتنا الترفيهية بالإضافة إلى تقدم العمر وزيادة وعي الناس وتطور الأجهزة الطبية التشخيصية. كما إنه ثبت مؤخرا بان السبب الرئيسي لهذه الامراض تناول الاطعمه المصنعه التي تحتوي على السكر المضاف والصوديوم والدهون المهدرجه فطعام الامس كان اكثر جوده والمواشي كانت تتغذي على الحشائش فقط.
ونتيجة للتطور الكبير في البنية التحتية في الدول الخليجية من توفر الصرف الصحي والماء النقي تم القضاء على كثير من الأمراض المعدية مثل الكوليرا والتفوئيد التي كانت تفتك بأرواح الناس في الماضي وكذلك توفر الأمصال الواقية من أمراض الطفولة كالدفتيريا والحصبة والتيتانوس وغيرها ساهم في خفض نسب وفيات الأطفال بشكل كبير . وعليه زاد متوسط العمر المتوقع عند الميلاد ليتجاوز74 سنه وهي نسبة مرتفعة جدا مقارنه بالماضي البعيد.
كما إن مما لاشك فيه توفر الأجهزة التشخيصية في وزارات الصحة الخليجيه هذه الأيام أكثر عددا وأفضل نوعا وأكثر فعالية عما كانت عليه في السابق وهذا بدورة ساهم في زيادة التشخيص فبعد أن كانت الناس تموت بدون معرفة السبب ساعدت هذة الإمكانيات في التشخيص . هذا من جانب ومن جانب آخر فأن توفر الخدمات الصحية الحالية وانتشار المراكز الصحية والعيادات الخاصة والمستشفيات الحكوميه والخاصة والمتخصصة كل ذلك وفر عددا من الخيارات المتاحة للمواطن والمقيم اختيار نوع و وقت الخدمة وبالتالي زاد اكتشاف الحالات.
لعلكم تتفقون معي يا قرائي الأعزاء على إن وعي الفرد هذه الأيام لا يقارن مع ما كان عليه بالسابق وبوجود الانترنت و القنوات الفضائية والثورة المعلوماتية التي نحياها ساهمت بزيادة الوعي الصحي فأصبحت الناس تتوجه إلى الطبيب عند الإحساس بأول الأعراض ولم تعد تتأخر حتى استفحال المرض وانتشاره في أكثر من موضع بل إن منهم من يذهب للطبيب قبل إحساسه بأي أعراض ولكن للفحص الوقائي إما بدافع ذاتي أو ضمن خطة وقائية من جهة عمله وبموجب التأمين الصحي له.
كما إن الوزرات الخليجيه قامت باعداد الاستراتجيات الخليجيه لمكافحة الامراض المزمنه غير المعديه ومن ضمننها تم تنفيذ العديد من حملات التوعيه بأهميه الكشف المبكر وان كانت هذه الحملات توقفت خلال جائحه كورونا الا ان تأثيرها ما زال موجودا وبالتالي زيادة العدد.
خلاصة القول فكل ما سبق ذكره من أسباب مجتمعة وهي تقدم العمر والتطور في القدرة التشخيصية وزيادة توفر فرص الفحص الوقائي و ارتفاع وعي الفرد ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في زيادة عدد حالات أمراض القلب والسكري والسرطان.
وحتى ألقاكم في مقال قادم أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومع أمنياتنا لكم بالفوز بالصحة والسعادة والبعد عن المرض والشقاء وتذكروا دوما وأبدا بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أردت استطعت.
خبير ومدرب تعزيز صحه وجوده حياة