نظم فريق نون والقلم التطوعي بإدار الصحفية هدى الغمغام ومتابعة رقية العيثان وأعضاء الفريق محاضرة بعنوان: “دور الضرائب في تطوير اقتصادنا” التي قدمتها مستشارة الاقتصاد وسياسات الضرائب والتنمية المستدامة في البنك الدولي الدكتورة أميرة رضي الغمغام، مساء الخميس الماضي عبر منصة زوم، وبحضور 43 شخصًا، حيث قدمت لمحة سريعة عن الوضع الاقتصادي في المملكة العربية السعودية منذ انطلاقة رؤية 2030; أي ما يقارب 5 سنوات مضت والتي تهدف أساسًا لإزالة التحديات التي تواجه الدولة للوصول لاستدامة النمو الاقتصادي للجيل الحالي وللأجيال القادمة، من خلال النظر للثروات المتاحة واستغلال الفرص من الموارد المحلية المتاحة بعيدًا عن الاعتماد على النفط كمصدر اقتصادي أوحد، كما عرفت الضرائب باعتبارها عقدًا بين الدولة والمجتمع، وأنها تعد في كثير من الدول غير النفطية أداة أساسية لتمويل الدولة لمساعدتها للقيام بدورها في الإنفاق وفي توزيع الثروات وسد الفجوة بين طبقات المجتمع.
وأوضحت أن التقدم الذي أحرزته المملكة في التغلب على التحديات، كتملك الإسكان للسعوديين، ارتفعت نسبته من 40% – 60%، كذلك نسبة البطالة انخفضت كثيراً مما كانت عليه في الربع الثاني من 2020، خلال جائحة كورونا بنسبة 15,4% الى 11,7٪ خلال الربع الأول من العام الجاري 2021، بفضل الاستراتيجيات المدروسة التي سهلت بيئة الأعمال والحصول على التراخيص، رغم أنها كانت فترة جدًا حرجة، لكن بفضل دعم الحكومة للمشاريع الصغيرة التي كانت مصدرًا أساسيًا للعمل تمكنت المشاريع الصغيرة من توفير الوظائف بنسبة 90% من جملة الوظائف المتوفرة.
ووصفت الرؤية بأنها تحولية؛ لأنها نقلت المملكة لأعلى المستويات وستنقلها -بإذن الله – في الأعوام القادمة إلى مصاف الدول المتقدمة حول العالم، فقد استغرقت انطلاقة الرؤية من سنتين إلى ثلاث سنوات وها نحن اليوم نرى أن المملكة تتمتع بمركز قوي؛ بدعمها لصندوق الاستثمار العام الذي استثمر مبالغ كبيرة وصلت الى (90) مليار ريال، في المشاريع الضخمة مثل، القدية ونيوم، وتعتبر هذه المشاريع محركات اقتصادية كبرى، تستثمر الموارد المحلية وتوفر فرص وظيفية كثيرة، هذا عدا كونها مصدرًا اقتصاديًا للدولة بعيدًا عن النفط.
حل سريع
وأضافت: إن التسارع كان ضخمًا خلال فترة وجيزة وحرجة في ظل جائحة كورونا، وما واجهته الدولة من انخفاض سعر النفط – المصدر الأساسي للتمويل- بفضل قراراتها الحكيمة خلال 2019، وسعيها لخفض إنتاج النفط مع مجموعة أوبك للحفاظ على قيمة أعلى لبرميل النفط، و استطاعت المملكة الحفاظ على مستوى سعر النفط، وكأنها تعد وتستعد لمواجهة الجائحة. كذلك السياسات المالية التي وضعتها كحل سريع يجلب للدولة عائدات مالية سريعة، تتلخص في فرض القيمة المضافة التي تعتبر أسرع من السياسات النقدية التي تعتمد على سعر الفائدة والإنتاج التي يمتد أجلها.
وتابعت: إن زيادة القيمة المضافة من 5% -15%، ساهم في زيادة عوائد الدولة التي تشمل جميع القطاعات، كالشركات والجمارك والزكاة. وأضافت، إن العائدات من ارتفاع نسبة الضرائب كان أكثر من العائدات النفطية خلال الجائحة، لذلك كان لا بد من هذا الحل لتفادي حدوث أزمة اقتصادية، كالاقتراض من المنظمات الدولية ذات الفوائد الضخمة، بنظر المجتمع هو حل قاس وصعب، لكن هو الافضل لتجاوز الأزمة وعدم توقف أهداف الرؤية التي ستتحقق خلال فترة وجيزة وستنقضي تلك المرحلة.
وأشارت من خلال الرسم البياني مجموع العائدات في الربع الثاني من عام 2020، حيث بلغت (133,945)مليون ريال، وبعد فرض القيمة المضافة 15% أصبحت العائدات (248,106) مليون ريال، وبذلك تغلبت المملكة على الأزمة.
الثالثة عالميًا
وأشارت إلى أن المملكة العربية السعودية صنفت الثالثة عالميًا من حيث تصدرها في إدارة الأزمات، فهناك دولًا لا زالت تواجه مشكلات اقتصادية، أما نحن فقد تخطينا الأزمة وأصبحنا في فترة ما بعد الجائحة، فالعائدات بين الدخل العام والنفط سابقًا كما يوضحه الرسم البياني هو 85.5% عائدات نفطية و 14.5%، عائدات الضرائب، وبفضل الاستراتيجية التي وضعتها الحكومة ارتفعت نسبة العائدات من الضرائب إلى 39%.
عوامل نجاح
وأبانت أن العوامل التي عززت نجاح زيادة دخل الدولة من الضرائب، تتلخص في الإنفاق داخل الدولة خلال الحظر من قبل المواطنين والمقيمين؛ الأمر الذي أدى إلى تحسين الصحة وتوفير الوظائف، كما شرحت انحراف العرض والطلب من خلال أمثلة مبسطة لمعرفة تأثير القيمة المضافة، وأن السياسات الضريبية تحتاج حرفية ومهارة، فهي بمثابة معادلات حسابية دقيقة تقتصر على الخبراء والمختصين.
وأوضحت دور الضرائب كأداة من أدوات السياسات الاقتصادية، تتحقق بفرض النسبة الأمثل للضرائب والتي تؤثر في تقليص الفجوة بين الطبقات الاقتصادية في المجتمع من خلال منحنى”لافور” الذي يشرح كيفية فرض الضرائب التي لا تتم إلا بعد الاستعانة بالخبراء، بشكل يتناسب مع المعطيات والبيانات المتوفرة لديهم.
واستشهدت الدكتورة الغمغام في نهاية المحاضرة بمقولة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان- حفظهما الله- ” إن أعظم ما تملكه المملكة العربية السعودية للنجاح هو المواطن السعودي”؛ لذلك يجب علينا أن نؤمن بالرؤية وبالاستراتيجيات التي وضعتها الدولة؛ لأنها حتما ستقودنا لتحقيق حلم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان- حفظهما الله- وهو حلمنا جميعًا وعلينا مواجهة التحديات بكل ما نملك لتحقيقه.
كما أتاحت الفرصة للجمهور بمقدار ساعة وعشر دقائق، قبل انتهاء وقت المحاضرة للمشاركة بطرح الأسئلة والاستفسارات بشكل مباشر، وسط أجواء تفاعلية اتسمت بالفائدة والتشويق، وكان من أبرز ما طرح، هل ستطول مدة فرض القيمة المضافة %15؟ أجابت الغمغام: إن المملكة أثبتت قوتها بعد مرحلة الحظر، فهي لم تحتج إلى فرضه ثانية كبعض الدول الأخرى التي تراخت فكلفها ذلك غاليًا، إن الضرائب ضرورية لتحقيق الاستدامة والسيطرة على جميع مرافق الدولة، وستأخذ وقتًا، لكنها ستكون في مسارها الصحيح (من سنة حتى خمس سنوات)، كما ذكر ولي العهد -حفظه الله- في لقاء سابق له، ستستمر القيمة المضافة 15% حتى تتعافى الدولة اقتصاديًا، بالإضافة لأسئلة واستفسارات أخرى تمت الإجابة عنها.
واختتمت المحاضرة بالتعبير عن مدى شكرها وسعادتها بالمشاركة في المبادرة التطوعية، كما أثنت على جهود الفريق في إدارة المحاضرة، وخصت بالشكر الجمهور الذي منحها ساعتين من وقته ودعت للجميع بالتوفيق والسداد.