ضمن النقاشات الهادفة في بعض اللقاءات والمجموعات يتحدث البعض أنه ضمن بعض الدراسات أن الشعوب الخليجية أكثر الشعوب توظيفا للخدم، وبعد الاستقصاء والبحث عن الأسباب والمقارنة وجد أن السبب ليس هو الثراء، وأن من أهم الأسباب هو سوء نظام الأسر في حياتهم اليومية، ففي العموم نجد أن هناك شخص واحد في كل بيت هو المسؤول عن كل شيء في المنزل فتقع عليه ضغوط لإنجاز الأعمال ولا يجد أمامه سوى حل استقدام الخادمة، وهذه البيوت وبكل بساطة تفقد روح التعاون، فهم نعم يعيشون تحت سقف واحد ولكنهم متفرقون في شتى الاتجاهات، فمنهم من يعيش وكأنه ضيف، يمارس نظام الضيوف، لا يعمل شيئا غير أن يُقدم له الأكل فيأكل، ويبحث عن ملابس فيجدها مرتبة، ولو قام كل فرد من أفراد الأسرة ذكرا أو أنثى بجميع مسؤولياته من تنظيف غرفته وغسل أطباقه وغسل ملابسه وتحضير القهوة أو الأكل الذي يريده لما احتجنا الى هذا الكم من الخدم، فإذا تجزء العمل أصبح الأمر سهلا، أما اذا كان هناك أشخاص عاجزون عن خدمة أنفسهم بسبب الكسل وكثرة النوم وكأنهم شبه معاقين فان الوضع سيتأزم، فنحن لا نطالبهم أن يقوموا بالمساعدة بل نريدهم ان يقوموا بمسؤولياتهم فقط، حقوق وواجبات، وهذه سيحل مشاكل الخدم وما يتبعها من أمور، ونشاهد ونسمع ونقرأ عن شخصيات وأثرياء وبيوت في الدول المتقدمة أنهم يمارسون حياتهم الطبيعية بدون خدم فكل فرد يعرف مسؤوليته داخل منزله بكل أريحية، فإذا وجد المكان فوضى يقوم بترتيبه، واذا عاد الى منزله ولَم يجد قهوته يقوم هو بتحضيرها بنفسه، فهو يدخل بيته وليس مطعما يجلس فيه على كرسي ويطلب ما يشاء.
إحدى الزميلات تقول منذ أن كان عمر أبنائي ٥ سنوات و٣ سنوات وأنا موظفة، وصار عندي ولد ثالث دون أن يكون في البيت خادمة، وشؤون البيت منسقة بيني وبين زوجي الذي يساعدني في كل شيء، والآن ولدي الكبير بلغ ١٣ سنة وأعتمد عليه في كثير من الأمور وأكلفه بمسؤوليات ويهتم بإخوانه حتى في شؤون دراستهم يساعدني ونعيش كأفضل ما يكون ومرتاحين بدون خدم، صحيح هناك تعب ولكن يكفي عدم مشاركة أحد لي بحب أبنائي، وهم لا يفضلون إلا الشيء الذي أحضره لهم بيدي.
وتقول زميلة أخرى أن والدها أخرج الخادمة من المنزل بعد أن كبر إخوتي قليلا فبدأنا الاعتماد على أنفسنا في ترتيب شؤون بيتنا.
العديد من البيوت تغير نمط حياتها بعد أن تبينت كثير من الأمور مع ظهور آثار تحتاج إلى مراجعات واهتمام، كان لدينا ثلاث خادمات ومع ذلك كنت أوجه ابنتي منذ كان عمرها عشر سنوات إلى تنظيف غرفتها وحمامها، وكان الأهل من حولي يقولون لي حرام إنها صغيرة، وهي الآن في سن السادسة عشرة تطبخ وتمسك البيت بالكامل، حتى وإن كنت خارج المنزل أو مسافرة فهي تقوم بكل الأمور، مرت بكثير من الأخطاء لكن هذا هو سبيل التعلم،
ناهيك عن عدم إضاعة الوقت والجهد بما يضر ولا ينفع مع الحفاظ على حيز كبير من المتعة والتسلية وممارسة الهوايات.
لما كان عمر ابني اثنى عشرة سنة كنت أكلفه بغسل الحوش وأحيانا والله يغسل السيارات ولا أذهب إلى الجمعية لشراء متطلباتنا الا وهو معي، وكان يرمي أكياس المخلفات في حاوياتها في الشارع، ويستمر الأهل بتكرار قولهم هذا حرام لقد سرقتي طفولته وانى ام قاسيه او غير متحضرة !!!!
الآن بلغ التاسعة عشر من عمره وهو الذي يقوم بإحضار مستلزماتنا من الجمعية والسوق والغاز واحضار عمال الصيانة ومتابعتهم، ويأخذ السيارات إلى ورشة التصليح ويعرفها ويحسن الاختيار فيما بينها، ويعتمد على نفسه ماديا ومعنويا ويحسن التصرف ويتعلم من أخطائه، ولما غادروا الخدم بقيت بيوتنا كما هي جميلة آمنة مطمئنة ولم نتأثر مطلقا بذلك وهذا من فضل الله وتوفيقه.
تعلم مهارات الحياة وتحمل المسؤولية يسمونه قسوة، عيالهم مراهقين وكل واحد منهم جسمه مترهل بسبب الكسل وكثرة النوم ومعرفته في شؤون الحياة ضحلة وليس له تواصل مع أقرباءه أو نشاط بدني مع أترابه ولا يفهم معنى المسؤولية واذا بادلته اي حديث لا يفقه فعقله مشوش وفارغ للاسف.
ابنتي لها من العمر ستة عشر سنة لا تملك هاتفا خاصا ومستمتعة ولا تشعر بنقص، لديها آيباد فقط لا شريحة فيه، وتعرف حدودها تماما، وعوضتها بأشياء كثيرة أخرى مثل المرح والنزهات والهوايات اللبس والطلعات والسفرات فلا شيء ينقصها ومتفهمة أن الأشياء غير المهمة ليس من الضروري الحصول عليها.
بعض الأمهات من حولنا يشكين أن هواتف بناتهن مسيطر عليهن، فحتى إلى الحمام يأخذونه معهن، وأصبح ملوثا لقلوبهن وأبصارهن وسلوكهن، ويتساءلن هؤلاء الأمهات لماذا بناتنا يعاملننا بهذه الأساليب الفظه وعدم الاحترام، ويتجاهلن هؤلاء الأمهات أنهن هن السبب في ذلك فهن من جلبوا الخراب الى بيوتهن.