بطبيعة الإنسان يريد أن يعاتب من حوله، كي يشعر بالأمان والراحة النفسية، ولكن بشرط أن يكون العتاب لهدف إيجابي وليس سلبي، فكثرته تجعل المرء يعتقد أنه وحده على حق والآخر مخطئ دائما، وطريقة العتاب تعبر عن المبادئ والقيم السلوكيات والأخلاقيات الخاصة لكل شخص، وذلك على حسب طريقة تعاملاته الاجتماعية واليومية.
وجود الاختلاف بين ثقافات وأفكار وآراء البشر أمر وارد إذا اتفق أو رفض الطرفان ما يطرح في أي موضوع معين، ولهذا فإن نبذ التعصب الفكري، وعدم التمسك بالرأي الواحد يبعد الإنسان عن كثرة العتاب بسبب أو بدون سبب أثناء النقاش أو الحوار مع الآخرين.
فعندما يلوم الكاتب من حوله باستمرار فإنه سوف يفرق بينهم ويورث البغضاء والكراهية، ولهذا عندما نطرح رأي وفكرة نحتاج للهدوء وأستخدام النقد البناء، وذكر إيجابية الطرف الآخر أولا ثم بعد ذلك ذكر السلبيات الخاصة به، ولو تم ذكرها يكون الهدف منها هو تحويلها للمسار السليم، وليس من أجل استنقاص الآخر وتتبع عثراته وعيوبه بغرض إثارة الخلافات العنيفة والجدالات العقيمة التي تسبب الغضب والتشنجات الفكرية والنفسية.
كثرة اللوم والانتقادات السلبية المستمرة تؤدي إلى كثرة العتاب، وهذا يدل طبعا على أن فئة من الكُتّاب مصابين “بحالة النرجسية” التي تجعلهم منعزلين بشكل سلبي ومتمركزين حول ذواتهم فقط، وكذلك يعتقدون إن ما يطرحونه في الساحة الثقافية هو الصحيح دائما، وأن الأشخاص المحيطين بهم هم المذنبين والمخطئين في كل شيء.
وجدير بالذكر أن كل فرد معرض للخطأ الكبير والصغير في أي لحظة من حياته وهو لا يصنف من المعصومين أو الملائكة، فعندما يكون الشخص جاهلا وغير عارف بأمور معينة فإنه بالطبع سيتعرض لمواقف صعبة، وبعدها سيتجاوزها بكل إرادة وعزيمة وإصرار، وذلك من خلال مواجهة العقبات والعوائق الشاقة وتطوير مهارات التعلم الإبداع والتشبث بالتفكير الإيجابي وتوسيع المعارف الإنسانية وتكوين العلاقات.
لكل كاتب يرغب في معاتبة كاتب آخر أو مجتمع يجب أن يكون الهدف من المعاتبة هو تحقيق التقارب في العلاقات ولحل مشاكل معينة، عن طريق إيجاد الطروحات التي تعمل على تخفيف على حالة التشنج والانفعال الشديد بشكل تدريجي، فاللجوء للاتهام واللوم الزائد يزرع الحقد في القلوب والنفوس، وينشر الفتنة.