عاكفون على نيرانهم، أذلاء خاضعون تحت أوثانهم، متمزقون.. عاشوا طويلاً في حروب وتقاتل وأحقاد وضغائن عبودية وطبقية، جهل وحياة عبثية مظلمة، فأنار الله تلك الحياة وكشف همّها وجلا سوادها بالرسول محمد صلّ الله عليه وعلى آله وسلم، وكان زكاة أنفسهم، أزال الشر وطهرها من الرذائل، دعا إلى المساواة بين الجمع من غير أن يلتفت إلى العرق، فقد استطاع أن يجمعهم بعد تفرقة، وأن يبعث فيهم روحاً جديدة بالمحبة والإخاء والتسامح، استطاع رسول الإسلام أن يصنع أمة مبنية على السلام والتعاليم الربانية بعد أن كانوا في شتات، طهرهم من السوء والنفاق والرياء وأمراض القلب والأخلاق المذمومة، وجعل لهم منهاجًا وطريق نجاة للتخلص من التيه والظلال، وأخبرهم بوجوب تزكية النفس بشكل مستمر لا انقطاع فيه، حيث أن النفس أمارة بالسوء وتحتاج دائماً لتزكية ((وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين)) [ال عمران :١٤٤].
فهل بعد رحيل الرسول صلّ الله عليه وعلى آله وسلم انقلبتم على على أعقابكم ورجعتم لعهدكم السابق ولظلالكم وبات المنكر مقبول والظلم معهود والعنصرية مستساغة والطبقية حضارة والربا شطارة؟ فأحضرتم بذلك عهد الجاهلية أيها الإخوة تزكية النفس عملية تستمر طوال العمر، تمسكوا برسول الله وتعاليمه فلن تظلوا أبداً.