يُعتبر العمل التطوعي أساساً مهماً لبناء وإنماء المجتمعات وبث وعي التعاضد والترابط بين كافة أعضائه كما يُعد فعلاً إنسانياً اتصل اتصالاً متيناً بأعلى درجات الخير والعطاء والعمل الصالح لدى كل المجتمعات على امتداد البشرية منذ بدئها وعرف العمل التطوعي بأنه المجهود الذي يقوم به الإنسان – من جراء نفس الإنسان واختياره دون إجبار أو إكراه ودون انتظار مقابل مادّي من ورائه – والذي يتجاوز نفعه الشخص نفسه إلى منفعة الغير إما بِكونه يجلب منفعةً لهم أو يُبعد عنهم مفسدة سواء أكان مجهوداً جسمانياً أم عقلياً أم مالياً ويعد العمل التطوعيُ مشتركاً لدى الإنسانية كلها إذْ يحب الناس جميعهم الإحسان ولا يختلفون على فضله وفضل أصحابه بمختلف دياناتهم وبلدانهم – نتعرف على المزيد في سياق التحقيق التالي :
فرصة لابراز قدرات الشباب
بداية يقول المهندس صادق الرمضان : العمل التطوعي في بلدنا مر بحالة تحول كبرى مع بروز رؤية 2030 والتحول الوطني 2020 فما قبل ذلك كان زخم العمل التطوعي ينطوي تحت عباءة المؤسسة الدينية اما العمل التطوعي المدني فوجوده كان يخضع لتحديات تشمل توافر المتطوعين والتمويل او التنظيم المناسب او الثقافة العامة التي كانت تحد أنواع العمل بتصنيفات تاريخية يؤجر عاملها مثل خدمة المساجد او مساعدة الفقراء.
تخفيف الأعباء على الدولة
واستطرد الرمضان قائلاً : مع رؤية 2030 والتحول الوطني 2020 والتي رأت فيه الدولة أن العمل التطوعي هو أداة محورية لتطور المجتمع وتخفيف الاعباء عن الدولة في تقديم الخدمات وتطويرها فقد أصبحنا في تطور كبير في عدد وجودة العمل التطوعي المدني الذي أنتشر بشكل واسع في شتى المجالات ومناطق المملكة حيث رصدت الدولة والقطاعات العامة والخاصة واهل الخير ميزانيات لدعم العمل التطوعي وتبنوا مشاريع عديدة.
الإنشغال بما هو مفهوم
وأشار الرمضان بأن : العمل التطوعي جزء من بناء الصورة النمطية الإيجابية للمؤسسات التي تتبنى هذا الخط وصار المجتمع يقدَر تلك المؤسسات ويكافئها بمزيد من التعامل معها والمساهمة في نجاحها. بل وبلغ بالمجتمع أن ينقد المؤسسات التي ليس لها مساهمات في هذا التوجه التطوعي ومن ناحية أخرى أصبح العمل التطوعي قناة يستطيع الشباب والشابات من خلالها إبراز قدراتهم وصقل خبراتهم والانشغال بما هو مفهوم ومنتج لمجتمعهم مما يشكل قيادات اجتماعية منجزة يحتويها وطننا الغالي في أبهى الصور الوطنية التي تساهم في رفعته وتقدمه.
رؤية وهدف
وقال الناشط الإجتماعي حسين الخليفة : تعتبر الاعمال التطوعي احد اهم ركائز الخير وتعكس صورة ايجابية لتماسك وتعاون افراده وتبين مدى التفاف المجتمع بعضه البعض ويعتبر العمل الطوعي نشاطا انسانيا ملحا ومهما سلوك اجتماعي وحضاري ولذا ونحن ننعم بنعمة الاسلام الاصيل التى تجلى فيه هذه الاعمال التي حث عليها من خلال الايات الكريم واحاديث الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم وفي وطن الحرمين يتسابق افراده في الاعمال التطوعيه بشتى اشكال التطوع وانواعه من خلال المؤسسات الاجتماعيه والجمعيات الخيرية التى انشاتها الحكومة ليكون العمل التطوعي اكثر تنظيما واكثر شموليه وكذلك خلال مساندة الفرق التطوعيه الشبابيه التي تلعب دورا كبيرا في تلك الاعمال فالعمل التطوعي حاضرا بشكل قوي ولافت في مجتمعنا وتنافس كبير في مضماره و وتسعى المؤسسات الاجتماعيه والجمعيات الي تعزيز وتطوير العمل التطوعي الذي يواكب ومتطلبات المجتمع من خلال المتغيرات في جميع الوسائل من خلال وضع الرؤيه والهدف والرساله ..اذا نحن نعيش في اوج الحماس التطوعي الشبابي في مجتمعنا النابع من عمق مبادئ الدين الاسلامي الحنيف .
ضعف الموارد البشرية
وأوضح الخليفة بأن كل عمل تطوعي يواجه العديد من العوائق التي ربما تحول عن استمراريته او ينتابه الضعف خصوصا في مؤسساته الاجتماعيه والجمعيات من خلال عدة امور لعل ابرزها ضعف الدعم في الموارد المالية من ابناء ورجالات المجتمع لأنها اساس مسيرة وقوة العمل التطوغي فكلما كان الدعم قويا سوف يكون العمل التطوعي قويا وبرامجه وانشطته اكثرا انتاجا وكذلك ضعف الموارد البشرية والتي لابد ان تستفيد منها مؤسساتنا الا وهي الطاقات الشبابيه التي لها دورا كبير في العمل التطوعي ..وتساهم مساهمة كبير في تعزيز العمل ..
الصبر وتكوين العلاقات
وأبانت الناشطة الإجتماعية آسيا العاثم بأن : التطوع اُسلوب حياة لايتجزأ عن حياتها اليومية وقالت : بدأت مسيرتي قبل خمس سنوات حيث اعتبرها اضافة جميلة لي من خلالها تعلمت فيها الكثير ،اضافت لي السعادة في كل عمل تطوعي انجزه فالتطوع هو الصبر وتكوين العلاقات بشتى أنواعها وفِي كل مجال خيري سواء إعلامي أوصحي او ترفيهي حيث تعلمت التواصل والتنسيق مع بعض الجهات التي تحتاج لهذا العمل ومنها اتيحيت لي الفرصة بالمشاركة المستمرة للتطوع، كما أن الثقة الكبيرة التي أوليت لي مثلت لي دافعاً كبيراً للإخلاص في العمل التطوعي وتطويره رغم أنها حملتني مسؤولية كبيرة في الوقت ذاته كما ان العمل التطوعي يمنح الثقه بالنفس وهذا ضروري لكل متطوع ،كذلك لاتخلو من صعوبات واجهاتها كمشرفة فريق تطوعي للتواصل مع المتطوعين والمساهمين والداعمين بأنواعها لانه ليس كل شخص عنده قبول او مهاره للتطوع . كذلك كوني أمراءه الصعوبات تكون في توفير المواصلات للجهات التي يتم العمل التطوعي لديها .
وعي وثقافة
بينما قالت الأستاذة وفاء جواد الرمضان – ناشطة : انتعشت ثقافة العمل التطوعي في المجتمع وخاصة بين الفتيات والسيدات في السنوات الأخيرة وبدأت رؤية 2030 في تطوير مجال العمل التطوعي تتحقق ولله الحمد وان شاء الله سوف يرتفع عدد المتطوعين والمتطوعات ليس فقط إلى مليون قبل نهاية عام 2030 كما هو مخطط له بل إلى اكثر من ذلك بكثير وأصبح المجتمع يشجع على التطوع والأهالي اصبحت لديهم ثقة في المؤسسات والجمعيات التطوعية وبدأوا يسمحوا لأولادهم وبناتهم بالتطوع لخدمة المجتمع لما في ذلك من فوائد ليس فقط للمجتمع بل لأبنائهم وبناتهم ففيه سعادة وأجر وثواب وكسب معرفة وخبرات وعلاقات اجتماعية سوف تنفعهم في مستقبلهم .
في التطوع سعادة وخير كثير
وأردفت الرمضان بقولها : الجميل ان التطوع أصبح لا يقتصر على الجمعيات الخيرية ومساعدة الفقراء والمحتاجين وزيارة المرضى والمسنين بل اصبح متنوع وشيق حيث يمكن للشباب والفتيات الإنضمام للجهة التي تناسب ميولهم ليكون في التطوع صقل لمواهبهم وإبداعهم مثال على ذلك تطوع الفنانين والفنانات والمصورين والمصورات في عرض ابداعهم في المهرجانات والمناسبات الوطنية والأجمل هو تطوع شخصيات لها مكانتها في المجتمع في خدمة مجتمعهم ليعطوا نموذج لحب الوطن ومثال على ذلك تطوع شخصيات من المجتمع ومن الأعمال التطوعية التي قمت بها بعد التقاعد وافتخر بها المشاركة في العديد من المهرجانات بأركان متنوعة لنشر ثقافة التطوع في شتى المجالات تعليمية ام ارشادية واجتماعية فكل إنسان يستطيع التطوع لخدمة مجتمعه في المجال الذي يحبه أو في مجال تخصصه وتصوروا مدى الخيرات والبركات التي ستغمر المتطوع والمجتمع والوطن من هذه الأعمال التطوعية المباركة ففي التطوع سعادة وخير كثير وما تقدمه من خير سيرجع لك .
جيل واعٍ
وكان لطاقات شبابية مستجده في عالم التطوع كلمة حيث ذكرت لين النشوان طالبة في المرحلة الثانوية : بأن التطوع بصمة نتركها في نفوس الآخرين کادخال السعادة على قلب مسلم كانت النظرة السائدة في المجتمع أن التطوع مجرد جمع تبرعات واعانات للمحتاجين لكن الآن اتضحت الصورة باتساع المجال التطوعي مهما كانت الخدمة متواضعه إلا أنها تترك اثراً لدى الأخرين وذلك الاثر لدي قبل الغير بعد قضاء يوم من العمل التطوعي أخلد للنوم راضيةً عن نفسي وما قدمته من خدمات للمجتمع خلال يومي وأكدت الطالبة دعاء الزاهد كلام زميلتها مضيفةً تجربتي في مجال التطوع جديدة في خطواتها الأولى لكني اجدها تجربة جميلة تعزز ثقتي بنفسي وتعلمني فن التعامل مع الناس .
اهتمام كبير في مجال التطوع
فيما قالت الأخصائية الإجتماعية بدرية الموسى : في السنوات الأخيرة لم يقتصر العمل التطوعي على الجهات الخيرية الرسمية كما في السابق مثل الجمعيات الخيرية و الهيئات الشبابية بل تعداها إلى كل المجالات وقد ظهرت خلال الخمس سنوات الأخيرة فرق تطوعية شبابية منظمة ولها مشاركات فاعلة في الكثير من الفعاليات والأنشطة الاجتماعية والثقافية والصحية والسياحية والترفيهية وتفعيل الأيام المحلية والعالمية والمبادرات المتنوعة لخدمة وتوعية المجتمع ما جعل للأحساء دور رائد وتسجيلها كموقع رسمي للآثار العالمية ثم حصولها على لقب عاصمة السياحة العربية واما عن تقبل المجتمع والعوائق التي تحول دون المضي به فبعد إطلاق رؤية المملكة 2030 هناك اهتمام كبير في مجال التطوع وتشجيع عليه فنجد بعض الجهات والقطاعات تشترط ساعات تطوعية للحصول على الترقيات أو الدخول في مسابقات تميز الأداء الوظيفي والتخرج من الجامعات وغيرها مما شجع الشباب على الانخراط في العمل التطوع والتسابق عليه فتشكلت فرق تطوعية رسمية وغير ذلك وقد وجدت بعض التسهيلات التي لازالت متواضعة أمام الكثير من التعقيدات والاشتراطات للحصول على مظلة رسمية للعمل التطوعي ونأمل في القادم القريب الكثير من التسهيلات خصوصاً مع إطلاق منصة العمل التطوعي الرسمية التي تشرف عليها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لأننا نعاني من تعقيدات أصابت الكثير من الشباب بالإحباط والملل والمجتمع بأمس الحاجة إلى جهود شبابه وتفاعلهم وحماسهم .
جانب من الأعمال التطوعية