يقال أن العقل السليم في الجسم السليم، ولكن ليس هذا على إطلاقه، فقراءة حياة بعض العباقرة تجعلك تعيد النظر فعدد كبير منهم لم يكونوا بأجساد سليمة تماما بل الكثير منهم أيضا كانوا مكفوفي الأعين أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومع كل هذا لم يمنعهم من الاستمتاع بالحياة والإبداع فيها، وليقولوا لنا بصوت عال أن الإعاقة أمر آخر غير ما نظنه.
ويتمتّع حوالي تسعة وتسعين بالمئة منالأفراد بالقدرة على السمع بشكلٍ طبيعيّ، بينما يوجد حوالي واحد بالمئة من الأفراد يفقدون القدرة على السمع، وهذا ما يطلق عليه بمصطلح الإعاقة السمعيّة.
من المعاقين سمعيا والذين كان لهم شأن في الحياة وشهرة الموسيقار بيتهوفن الذي يقول عن نفسه: لقد ولدت حاد المزاج مرهف الإحساس لمسرات الحياة والمجتمع ولكنني سرعان ما اضطررت إلى الانسحاب من الحياة العامة واللجوء إلى الوحدة، وعندما كنت أحاول أحياناً التغلب على ذلك كنت أُصد بقسوة ومع ذلك لم يكن بوسعي أن أقول للناس: (ارفعوا أصواتكم صيحوا فأنا أصم) ويقول أيضا: يا لشدة ألمي عندما يسمع أحد بجانبي صوت ناي لا أستطيع أنا سماعه أو يسمع آخر غناء أحد الرعاة بينما أنا لا أسمع شيئاً، كل هذا كاد يدفعني إلى اليأس، وكدت أضع حدا لحياتي البائسة، إلا أن الفن، الفن وحده هو الذي منعني من ذلك).
يلاحظ بأن بيتهوفن أصيب في العضو الرئيس والنبيل بالنسبة لممارسته الموسيقا ومع ذلك لم يثنه ذلك عن الإبداع والإنتاج على أعلى المستويات إن لم نقل بأن عاهته السمعية أثرت في انتاجه الموسيقي إلى درجة التميز والحساسية المرهفة.
ولا تزال سيمفونياته التسع ومؤلفاته العديدة نبعاً ينهل منه كل محب للموسيقى وكانت أعظم موسيقاه على الإطلاق تلك التي انتجها في مرحلته الأخيرة الصماء فمن وسط أشد أنواع العزلة عمقاً وهب بيتهوفن فهما أعمق، لقد كان مريضاً فقيراً أصم مهجوراً من أعز الناس وأحبهم لديه، ومن خلال هذه الأعماق الرهيبة التي كان يقبع فيها أصدر أعظم ألحانه وأكثرها خلوداً.
عضو فريق يدا بيد التطوعي