لقد حرصت الكثير من الدول على القضاء وجعلته وفق منظومة ومبادئ معينة يسير عليها ومن أهم هذه المبادئ: مبدأ علانية القضاء ونعني به أن تنظر المحكمة في القضية منذ بداية المرافعة وحتى النطق بالحكم في جلسة عامة علنية وفي هذه العلانية ضمان لنزاهة القضاء واستقامته وذلك بأن يطلع والخصوم، وغيرهم من العامة على مجريات التقاضي وسماع البينات والدفوع مما يبعث الطمأنينة في نفوس الخصوم كما تجعل القضاة حرصين على أداء واجباتهم على أكمل الوجه.
ولم يرد نص عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – ولا الصحابة على مبدأ علانية القضاء لكن من يتأمل القضاء في عهدهم يرى أنهم قد أخذوا بهذا المبدأ فقد كان القضاء والحكم فيه يتم في المسجد وهو مكان عام يمكن للجميع الحضور فيه.
وعلى هذا الغرار فقد أخذ المنظم السعودي بهذا المبدأ فنجد أنه نص عليه في نظام المرافعات الشرعية في المادة الرابعة والستين على النحو الآتي: (تكون المرافعة علنية، إلا إذا رأى القاضي من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد الخصوم إجراءها سرًّا محافظة على النظام أو مراعاة للآداب العامة أو لحرمة الأسرة) كما أنَّ نظام الإجراءات الجزائية قد أخذ بهذا المبدأ فقد نص عليه في المادة الخامسة والخمسين بعد المائة على ما يلي: (جلسات المحاكم علنية ويجوز للمحكمة – استثناء – أن تنظر الدعوى كلها أو بعضها في جلسات سرية أو تمنع فئات معينة من الحضور فيها مراعاة للأمن أو محافظة على الآداب العامة أو إذا كان ذلك ضروريًّا لظهور الحقيقة).
مع حقيقة النص على مبدأ العلانية في النظام السعودي إلا أنه قرر استثناءً أن تكون الجلسات في بعض القضايا سرية وذلك من أجل عدة اعتبارات :
أولًا: الاعتبارات المنصوص عليها فيها نظام المرافعات الشرعية وهي: الحفاظ على المصلحة العامة أو مراعاة الآداب العامة أو سلامة الأسرة .
ثانيًا: الاعتبارات المنصوص عليها في نظام الإجراءات الجزائية وهي: الحفاظ على الأمن أو مراعاة المصلحة العامة أو إذا كان لازمًا لظهور الحقيقة.