السائد في الحياة البشرية تكوين مجموعات، تلك المجموعات تحتوي أفراد مختلفين في أنماط شخصياتهم، من حيث الكفاءات والأفكار والتوجهات وغيره، لكن غالبا يطغى على المجموعة طابع الذوبان والتحرك ضمن توجه واحد وفكرة واحدة، حتى تختفي معالم الاختلاف لأفرادها تحت سقف المجموعة.
تلك المجموعات أيضا يكون لها قائد له ميول وأفكار يبثها بين أفراد مجموعته وقد توضع قواعد وقوانين للأفراد النشطين أو الخاملين أو المتمردين، وتسقط تلك المسائل عن الخانعين أو المنقادين وفق أهداف المجموعة، نلاحظ أن بعض الأفراد يندسون للمجموعات حتى تكون غطاء وحصانه بديلة تُميع فيها ضعف وعيوب توفرت بهم، كما يجعلهم ذلك يفكروا أنهم غير مسؤولين عن قراراتهم الذاتية، لأنه توجد شخصية القائد التي أخذت على عاتقها المسؤولية كلها.
ويمكن تأكيد تأثير المجموعة الفعلي على أفرادها، سُلط الضوء من بعض الباحثين على شباب ألمانيين في كتيبة شرطة قتلت يهودا خلال العهد النازي، كان تأثير الأقران عظيما جدا، فقد أظهر أحد الباحثين، بأن هؤلاء لم يستطيعوا أن يتراجعوا عن إطلاق النار على اليهود حيث شعروا بالخجل من ضعفهم.
إن الكثير من الخنوع الغير اعتيادي للبشر الطبيعيين يكون نتيجة لضغط الأقران، وقد نجد أولائك الأفراد خارج نطاق المجموعة لهم سلوك مغاير وأكثر عقلانية بخلاف تواجدهم مع منظومات معينة تظهر الدوافع السيئة والغير مسؤولة، فالانخراط في مجموعات ملتوية تشل التفكير وتعود على الانقياد الخاضع وهو مهين ويوصم الفرد بالضعف والجُبن.
ونجد أن قريش حين قررت قتل النبي محمد فإنها خططت أن تكون مجموعة تلك المجموعة تحتوي على فتيان من كل قبيلة حتى يضيع دم رسول الله بينهم ولا يعرف القاتل فيعاقب، وكذا قد يكون للمجموعة تأثير تنموي وفعال أو خلافه على المجتمع بما يعود عليها بالضرر.
هنا علينا أن ننمي قدرة الفرد على الاختيار وليس الانصياع وذلك الدور التربوي يبدأ من العائلة ثم المدرسة، وذلك بتحفيز المسؤولية لديهم وتوعيتهم حول ضعف الإنسان ومقدراته وعجزه وأنه ليس مخجلا أن احتاج واطلب المساعدة، وتحبيط ميول القرف والتمييز العنصري للأقليات والتفكير بهم كأفراد أدنى ومجنسين واطلاعهم بمعارف وافية عن تلك الأقليات تكون موضوعية وحقيقية.
فهل يمكن توظيف الكثير من الحلول الحصيفة لإنتاج ثقافة المجموعة أو الأقران المسؤولين والمدركين لسلوكياتهم وتفكيرهم؟ ومتى يمكن البدأ بفعلية لتحقيق ذلك؟
فاطمة الشيخ محمد الناصر