ونبقى في رحاب الزهراء لنشتم من خلالها عبير الجنة الذي إذا اشتاق إليه أبوها المصطفى صلى الله عليه وآله ضمها إلى صدره ليشتم ذلك العبير ذو الرائحة الزكية الذي لا مثيل له في هذه الحياة ..
لننهل في هذه الدقائق القليلة من عذب ماء الكوثر ولنتعلم الدروس التي نستفيدها في حياتنا الدنيا وتكون ذخيرة لنا في آخرتنا ، نتباهى بها في عرصة القيامة بقول الواحد منا …. هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ 19 سورة الحاقة ..
ستكون وقفتي معكم أيها السادة وحديث الكساء المروي عن سيدة النساء عليها السلام متأملين خلاله في عظيم الخُلق الذي تحمله النفوس الطيبة لمحمد وآله الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ..
نلاحظ أن كل من دخل على الزهراء عليها السلام بدأ حديثه معها بالسلام والذي هو مفتاح التعايش بين الأفراد والجماعات وهو باب رحمة الله والطريق الموصل لدار السلام ..
تعلمنا سيدة نساء العالمين كيفية التعامل مع الأب والزوج والأبناء ، هاهي ذي تُشفق على أبيها المصطفى حينما رأته في ضعف واستعاذت بالله من أن يصاب بضعف ، وهاهي ذي تستقبل بعلها بالتبجيل والتقدير والإحترام بقولها له وعليك السلام يا أبا الحسن ويا أمير المؤمنين
أما مع ولديها فكان تعاملها لهما بفيض المشاعر الملأى بالعطف والحنان من خلال ردها للسلام عليهما بقولها لكل واحد منها وعليك السلام يا ولدي ويا قرة عيني وثمرة فؤادي ، كلمات رائعة دافئة تزرع الود والمحبة والثقة في نفوس الأبناء ..
نتعلم من أصحاب الكساء عليهم السلام التأدب في الحديث والإستئذان في الدخول على من هو أكبر منا سناً وأعظم منا شأنا .
يوقفنا حديث الكساء عند مكانة الزهراء وبعلها وأولادها عند رسول الله صلى الله عليه وآله من خلال دعاءه لهم قائلاً (اللهم إن هؤلاء أهل بيتي وخاصتي وحامتي لحمهم لحمي ودمهم دمي يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم أنا سلم لمن سالمهم وحرب لمن حاربهم وعدو لمن عاداهم ومحب لمن أحبهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك وغفرانك ورضوانك علي وعليهم واذهب عنهم الجس وطهرهم تطهيراً) ..
محطة أخرى نتأمل خلالها لنرى عظمة أصحاب الكساء عند الله والشأن الذي لهم عنده وذلك من خلال قوله عز وجل (يا ملائكتي ويا سكان سماواتي وعزتي وجلالي إني ما خلقت سماءاً مبنية ولا أرضاً مدحية ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئة ولا فلكاً بدو ولا بحراً يجري ولا فلكا يسري إلا في محبتهم عليهم السلام) ..
الوقفة الأخيرة نرى فيها أن أهل الكساء الطيبين هم رحمة الله وهم الوسيلة إليه في كشف الهموم ونيل الطلبات وقضاءا لحاجات وأن ذكرهم طيب يجذب ملائكة الرحمة بما يحملون من دعاء للذاكرين لهم بالمغفرة والسلام إلى أن يتفرقوا ..
الحمد لله الذي هدانا لأن نكون من الموالين لأصحاب الكساء ومن المعادين لأعدائهم الملاعين ومن المتأسين بهم والسائرين في طريفهم ، سائليه بأن يثبتنا على ولايتهم وعلى البراءة من أعدائهم وأن يختم لنا بخير الخواتيم لنكن ممن يسعد بشفاعتهم وينعم بمجاورتهم في جنة الخلد ورضوان الله .