” حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[/COLOR] “( المائدة/٣)
قالوا عن الخنزير حكايات وأساطير فالخنزير كله نجس و حرام أكله بسبب أن أصله بشرا ممسوخا و قالوا إنه المخلوق الوحيدالذي لا يستطيع النظر للسماء وقالوا وقالوا فماذا قالوا عن تخصيص الحرمة في لحمه وماذا تدل الآية الكريمة يقول أهل اللغة والتفسير والمتخصصين في مباحث دلالة الألفاظ ممن يقولون أن اللفظ الواحد يحمل أكثر من معنى ومنهم العلامة الألوسي الذي يذهب بلفظ ( لحم) بأنه يعم جميع أجزائه حتى الشحم كما هو مفهوم من لغة العرب ومن ” العرف المطرد” وقال الألوسي: “خص اللحم بالذكر -مع أن بقية أجزائه أيضاً حرام خلافاً للظاهرية- لأنه معظم ما يؤكل من الحيوان وسائر أجزائه كالتابع له، وقيل: خص اللحم ليدل على تحريم عينه، ذكى أو لم يذك، وفيه ما لا يخفى، ولعل السر في إقحام لفظ اللحم هنا، إظهار حرمة ما استطيبوه و فضلوه على سائر اللحوم، و استعظموا وقوع تحريمه”
وإذا كان ما يقوله الألوسي صحيحا كان من الأولى أن لا تأتي الآية الكريمة على ذكر اللحم وتقول مباشرة ” والخنزير ” فتلك الصياغة لها مدلول اخص والصياغة الأخرى لها مدلول آخر أعم وإلا بهذا نكون قد نفينا البلاغة آلتي يمتاز بها اللفظ القرآني الدال على مقاصد بعينه وهنا يأتي السؤال الكبير :
هل خلق الله للكائنات لها فيه حكمة و منفعة أم لا ؟ ثم هل تصرفنا في عدم إعطاء الأعتبار لهذه المخلوقات والإستفادة منها يعد احتقارا واستهجانا لما خلق الله و اعتراضا عليه ؟؟!! وكأنما نقول يا رب لما خلقتها !! هو جل وعلا يفعل ويخلق ونحن نتذمر من ما خلق !! سبحان الله من لديه الحكمة !!!!!!
وقد روى الشيخ الصدوق في علله ( ص ٣٥٧ ) بإسناده الى الإمام أبي جعفر ع عندما سأله بعض أصحابه فقالوا ” أنما نشتري ثيابا يصيبها الخمر وودك الخنزير عند حاكتها أنصلي فيها قبل أن تغسل ” فقال ” نعم لا بأس بها أنما حرم الله أكله وشربه ولم يحرم لبسه ومسه والصلاة فيه ” ولم يؤخذ بهذا الحديث بل جرت العادة على توكيد نجاسة الخنزير وحرمته كله
وبالتأكيد إن الله لم يخلق خلقاً ليس له منفعة أوحكمة من وراء خلقه ” ولكن حرمة ذلك الشيء علينا وحرماننا من الاستفادة منه نحن المكلفين شيء والحكمة من خلقه ومنفعته من أوجه أخرى شيء آخر ” هذا ما يظنه من ذهب الى تحريم و جاسة الخنزير كله لا بعضه وليس في مورد الأكل للحم فقط وعللوا ذلك بأنه ربما تلك الفوائد والحكم هي غائبة عنا الآن فربما لها دور تقوم به في الطبيعة لا ندركه لكننا ربما نكتشفه في المستقبل
مثال على الاستفادة من الخنزير بطريقة خاصة مثل دواء الهيبارين :الهيبارين هو مادة في انسجة الحيوانات الثدية ولها خاصة مسيلة للدم anticoagulant تستخدم في الطب بكثرة واهم مصادرها البقر والخنزير ولكن بعد مشكلة جنون البقر أصبح هذا المصدر اكثر صعوبة وكلفة والخنزير يعتبر اكثر وفرة واقل تكلفة وبالنسبة لنا نحن المسلمين تم حل المعضلة باكتشاف نوع جديد من الهيبارين هو الهيبارين منخفض الوزن وهو افضل في الاستعمال وأكثر سلامة من الهيبارين العادي LMWH Enoxaparin
وهذا الهيبارين الجديد يصنع من الهيبارين العادي بطريقة يمكن أن يصدق عليها فقهيا مصطلح ( الاستحالة) حسب ظن الفقهاء فتصبح حلالاً ولو كان الاصل حراماً مع أن الحرمة في أكل لحم الخنزير خاصة بصريح آية تحريم بعض المأكولات
وهذا الدواء يستخدم بكثرة اثناء الغسيل الدموي للكلى حتى يمنع تخثر الدم خلال الغسيل الكلوي لأن دم المريض بكامله يمر على جهاز غسيل الكلى ويستخدم بجرعات قليلة و يستخدم فيها الهيبارين العادي البقري
ويتضح من هذا أن الحرمة مقتصرة على الأكل وليست على المنافع الأخرى التي ينتفع بها من الخنزير وفي هذا تأمل جميل في الحكمة من خلق المخلوقات [/JUSTIFY]
بقلم المهندس / رياض الشيخ باقر بوخمسين