{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21]
لك مجتمع من مجتمعات العالم عادات وتقاليد واعراف وبرتوكولات يعملون بها ويتبعونها في حياتهم اليومية ولا يمكنهم تجاوزها أو التخلي عنها وهذه العادات والتقاليد تعتمد على حسب البلد الذي توجد به وقد تنشأ عادات وتقاليد جديدة لبلد ماء أو لقارة كاملة أو للعالم كله كما يحدث في وقتنا الحالي بسبب جائحة كورونا كوفيد 19 التي اجتاحت العالم بأسره في هذه الفترة من الزمن أو الحروب كما حصل بالحرب العالمية الأولى والثانية والحروب بين الدول أو سيطرة فئة إجرامية على بلد ما بسبب الحروب او غيرها من الأسباب، مما يشتت أهل البد الاصلين ويهجرهم مما يبدد من عاداتهم وتقاليدهم وحياتهم كاملةً.
ففي البداية لابد ان نذكر بمعنى العادات والتقاليد التي تتكرر على اسماعنا كثيرا.
عُرِّفت العادات في عدّة معاجم عربية على أنّها نمط من السلوك أو التصرف المعتاد الذي يتمّ فعله مراراً وتكراراً من غير جهد، كما أنّها تتعلّق بحياة البداية التي تعود إلى الجيل الأول من دون تقدّم أو تطوّر فطري.
والعادات تشمل أي أفعال ترتبط بالحياة اليوميّة لمُجتمعٍ مُعيّن، كعادات احترام كبار السن، وعادة شرب الشاي والقهوة في مجتمعنا، وهذهِ الأمور لا تُعتبرُ راسخةً أو مُلزم بها في المُجتمع، ولكنّها معتقدات مُتعارفٌ عليها لدى البعض ويُفضّلُون الالتزام بها بقدر الإمكان.
أمّا التقالِيد فهي عادات وسلوكيات وعقائد وأعمال وحضارة الإنسان المتوارَثة التي يورثها من جيل الى أخر في المجتمعات، (ومفردها: تقليد (ومثال على التقاليد طريقة تناول الطعام في بعض الدول العربية باليد والدول الغربية بالملاعق والشوك والصين واليابان بالأعواد وهكذا تقليد البعض للبعض في السلوكيات سواء كانت صحيحة أو الخاطئة.
ويرتبط التمسك بالعادات والتقاليد أو البروتوكولات والإصرار عليها بمستوى ثقافة المجتمع ومستواه التعليمي والثقافي، وبمدى ترابطه الاجتماعي ومدى تمسكه بدينه ومعتقداته الإسلامية أو غيرها من الديانات الاخرى.
فالمجتمعات المتعلمة والمثقفة أكثر جرأة على تجاوز العادات والتخلي عنها من المجتمعات الأمية والقروية، وتزداد الجرأة على تجاوزها كذلك كلما قل الترابط الاجتماعي، وزاد التفكك الأسري والاستقلالية بالعيش والابتعاد عن منظومة الاسرة والمجتمع الواحد، فمجتمعات المدن أقل تمسكا بالعادات والتقاليد من المجتمعات القبلية والقروية والبدوية، ونشاهد هذا في المجتمعات الأوروبية والأمريكية وبعض من درس وتعلم هناك خارج بلده وخصوصا من كان في مقتبل العمر سهل عليه التخلي عن العادات والتقاليد والبعض قد ينكرها على أهله ومجتمعه وبلده والبعض يحاربها بكل قوة.
فحين تستقر هذه العادات والأوضاع لدى الناس ويتشربونها، فقد يقع البعض في الخلط بينها وبين بعض الأحكام الشرعية، ومثال لا الحصر على ذلك العادات المرتبطة بطهارة الجسم والملبس والأكل الحلال وصلة الرحم، وحجاب المرأة والاستماع الى الأغاني …وغيرها
وما نريد الإشارة اليه في هذا المقال هو عادات وبرتوكولات الزواجات بالأحساء حيث أصبحت العادات المرهقة اقتصاديا والتي تستنزف الناس وجيوبهم والأموال التي لا حصر لها وترهق كاهل العريس وخصوص ذو مصادر الدخل المحدود والمتوسط والمعتمد على الراتب الشهري فقط، وإزالة بعض العادات الاجتماعية التي تلزمك بالحضور وخصوصا لأكثر من شخص في يوم واحد مما يرهقك ويتعبك ويرفع العتب بالحضور واضاعة وقت طويل بالزواجات بالمباركات.
وتصرف مبالغ مادية كبيرة على الصالات التي اصبح الجميع يلجأ اليها سواء من كان لديه أمكانية او لم يكن لديه، فالبعض يدفعون للصالات ويتركون الاستحباب بالزواج وهو الاطعام ويستأجرون البرك لا للسباحة وانما لجلب مطربين يوم السباحة والمصورين لتوثيق الاحداث التاريخية للزواج والفرق الإنشادية أو الغنائية لإحياء هذه الليلة التي تعد من ليلي العمر التي لا تعوض بعدما عمل ليلة الخطوبة وليلة الشبكة وغيرها من العادات والتقاليد الجديدة ومنها الغربية والتي فيها اسراف مادي وارهاق الاقتصاد الاسري للزوج وتحمله اوزار الديون التي ترهقه مالا يقل عن خمس سنوات يكون بها اسير الديون والمطالبات المادية للبنوك والأشخاص والبعض يصعب عليه الإيفاء بهذه الديون مما يضطره للتحايل على الاخرين ويجعله يعيش وساوس واوهام والبعض يضطره كثرة الديون للقلق والتعاسة.
وفي المقابل النساء تنفق وتستهلك مهرها في الصالونات والملابس والحفلات التي كل يوم يدخل عليها التجديد والتطوير وترتفع أسعارها لدرجة ان البعض لا تشتري لها من المهر ولا جرام واحد من الذهب، اما في هذه الأوقات مع جائحة كورونا فتبدل الوضع كثيراً حيث يقبل الكثير بالزواج ويقتصره على أهل العريس والعروس الذي لا يتجاوز عددهم 20 الى 30 فرداً.
هذه الظاهرة الجديدة يتحقق منها الهدف من الزواج وهو الاشهار والاعلان بالزواج وإدخال الفرحة على العريسين وعلى والديهم والمقربين لهم وهو ما سيحصل بالفعل في جميع الأحوال سواء كان الزواج بصالة ومصاريف لا حصر لها أو والزواج بالمنزل ومحدود بالأهل والاقارب فقط ويكتفى بالتبريكات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والدعاء لهم بظهر الغيب.
وتكون الحفلة مقتصرة على الاهل والاقارب ويستمتعون بالزواج ويكون أكثر خصوصية، وتجنب الاسراف والبذخ في المصاريف والجانب الأهم في مثل هذا الزيجات هو تسهيل الزواج على الشباب والتشجيع على ترك العزوبية وبناء الاسر المستقرة التي تكون مجتمع أكثر طمأنينة وتكاتف.
ومن الإيجابيات في الزواج في هذه الايام بزمن جائحة كوفيد 19 الاستفادة من المبالغ بامتلاك سكن مناسب بدل ما تنفق وتستهلك وتصرف بكماليات زائفة والاسراف الذي قد يحملنا فوق طاقتنا.
ومن الممكن تقوية الجانب الاقتصادي للأسرة وشراء وامتلاك وسيلة مواصلات مناسبة وجديدة تغنيهم عن السيارات المستعملة كثيرة الأعطال أو شراء منزل عوضا عن الايجار.
ومن الممكن كذلك استثمار الأموال لزيادة الدخل لتخفيف المصاريف وتكوين الذات بعمل مشاريع تجارية صغيرة تكون ذات مردود جيد اذ عرف الشخص من أين يبدأ فمبلغ مائة ألف ريال سعودي لها قيمة شرائية جيدة.
فلنساهم بتحقيق الهدف الأسمى الذي وضع له الزواج وهو تقليل العنوسة وتقليل العزوبية ويجد الشباب السكن والاستقرار النفسي وراحة البال وتوفير كل السبل في إنجاح مثل هذه المشاريع الاجتماعية وتكوين أسرة مترابطة ذات أساس متين يعتمد عليه وتجاهل العادات والتقاليد التي لا أساس لها ولا مصدر ولا تعطي أي محرجات ذات مردود على الجميع.
وأتمنى انتهاز هذه الفرصة الاستثنائية من قبل المقبلين على الزواج وادعوا ان تستمر بعض العادات والتقاليد التي تكون من صالح الناس واستمرار الحياة بلا تعقيد، والا ينسى المجتمع ويعود لما كان عليه سابقا من عادات مرهقة اجتماعيا ومتعبة نفسيا ومستهلكة اقتصادينا لنا جميعا.
1 ping