أثارت ندوة نظمها ملتقى العقار الثقافي بالتعاون مع منتدى آراء وأصداء موجة عاصفة من النقاش بين منهجيات وتوجهات مختلفة حضرت الندوة التي استضافها الاستاذ سلمان الجبارة وأدارها الأستاذ جاسم الجبارة وقدم فيها كل من الباحثين عبدالله الرستم وأحمد المطلق ورقتين بحثيتين استرعتا اهتمام الحضور وأثارت الكثير من التساؤلات والنقاشات.
واتسمت الورقتان فيما بينهما بالكثير من التكامل فواحدة حفرت عميقا في ما قبل القرن السابع وهي ورقة الاستاذ الرستم وركزت على مؤرخ لم يركز عليه رغم أهميته وهو ابن أعثم الكوفي الذي تكمن أهميته في أنه من أقدم المصادر التاريخية.
ويدخل في سبب إهماله أنه اتهم بجملة من الاتهامات غير الموضوعية، وسبب توجيهها إليه هو أنه اتهم بالتشيع فأهمله السنة واتُهم بالتسنن فأهمله الشيعه. فيما يرى الرستم أنه كان سنيا منفتحا وهذه كانت سمة الكوفة في ذلك الزمن فقد كانت المذاهب تتعايش في داخلها.
وناقش الرستم هذه التهم التي تضعف من التزام ابن أعثم بالمعايير الموضوعيه وأورد الشواهد على ضعفها، غير أنه لم ينف أن يقع في بعض الأخطاء مثله مثل غيره بيد أن هذا لا يقلل من قيمة كتابه “الفتوح” كما تحدث الرستم عن منهجه و النسخ المختلفة للكتاب و عدد مجموعة ممن نقلوا عنه ومجموعة ممن نقل عنهم في كتابه.
فيما تحدث الباحث المطلق عن فارق جوهري بين كتب المقاتل التي خرجت بعد القرن العاشر والكتب التي كتبت قبل القرن السابع حيث تفردت الأولى بنقل روايات وأخبار وتفاصيل لم يسبق نقلها في الكتب السابقة دون أن يذكروا لها مصدرا واعتبر المطلق أن الكتب الصادرة قبل القرن السابع أقرب إلى الصحة لقربها من الحادثة وإن لم ينف أن تكون بعض المقاتل المتأخرة جيدة إذا ما التزمت بمنهج جيد.
وجاء المطلق بعدد من الأمثلة من المقاتل التي تفردت بأخبار لم يسبق نقلها في أي مصدر سابق عن القرن العاشر كالمنتخب للطريحي ومقتل ابن مخنف المستقل الموضوع المطبوع في العراق والمختلف عن ما نقله الطيري عن ابن مخنف وكان من الأمثلة على الأحداث المضافة التي اصحبت اليوم هي القراءة الرسمية على المنبر حفيرة مسلم وعرس القاسم وعودة الركب في الاربعين و وجود بنت اسمها حميدة لمسلم
وحكاية وجود ام البنين في عودة الركب للمدينة.
كما عرض المطلق مجموعة من الكتب التي ألفت في سياق تنزيه المنبر عما لحق به وخاض أصحابها معارك ضارية من أجل ذلك دون أن تؤتي جهودهم أكلها إذا لا يزال المنبر تشوبه تلك الزوائد التي لحقت به إلى اليوم. ومن أمثال ذلك جهود النوري والأميني والمطهري و الغروي وغيرهم.
وشهدت الندوة مداخلات تعرض القليل منها للورقةتين في حين نحى البعض الآخر منحى مغايرا حين رأى أن عقلنة النقل التاريخي غير ممكنة لأنه يعتمد على المخيال ولأن كل قرن يرسم صورة متخيلة تمثل واقعه وتنعكس عنه.
كما ثار الجدل عن سبب فشل هذه الجهود في تغيير وضع المنبر وعن الطريق الصحيح نحو تنقية الموروث الحسيني في حين رأى البعض أنه لا توجد في الأساس صورة صحيحة فليس ثم سوى صورة نسبية تختلف من قرن لآخر ولا مجال للحديث عن استعادة التاريخ.
وفِي هذا السياق جاء الحديث عن توظيف الموروث بما يخدم الحاضر كما فعل علي شريعتي وكان من أبرز المداخلين الناقد محمد الحرز والشيخ جعفر الغنام والكاتب الاستاذ عيسى الربيح الذي يرى ان هناك قبليات تدعو للتوقف عن البحث كالمنهج الكلامي هو الموثر في قراءة الاحداث وهنا المشكلة في فهم الحدث التاريخي المختلط بالمنهج الكلامي، داعيا إلى العقلنه في الطرح من خلال تحليل خطابات الامام الحسين عليه السلام مستشهدا بجهود الشيخ الفضلي في دراسةثورة الامام الحسين من خلال خطاباته وعمل شي شبه قياس بين الطرح العقلاني ونسبة الدخيل والاصيل في الاحداث من أجل الخروج بصورة منسجمة مع بعضها.