قررت السفر إلى دولة في شرق آسيا ذات الجمال الطبيعي والمناظر الخلابة لمدة 12 يوما بعد أن وجدت عرضا مميزا وبرنامجا سياحيا لدى إحدى وكالات السفر والسياحة انطلقنا وبعد أن استقر بنا المقام في تلك البلد بدأت إرهاصات فيروس كورونا المستجد تنتشر وبدأ العالم بالتغير واتخاذ الكثير من الأمور الغير معتادة كإغلاق المطارات والحجر الصحي وحظر التجوال وهنا استثارني هذا الفيروس للبحث فيه والتعرف على هويته.
يقال أنه انتشر في مدينة ووهان الصينية وأنه وصل إلى بلدنا العزيز في تاريخ07 رجب 1441 هـ الموافق لـ 02 مارس 2020 م، حيث أعلنت وزارة الصحة عن ظهور نتائج مخبرية تؤكد تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد Covid-19، وقد تفاعل الجميع في برامج التواصل الاجتماعي حول ظهور أول حالة، ونقلت وكالات الأنباء في العالم الخبر حينها وقع علينا الخبر كالصاعقة ودب في نفوسنا الخوف.
وبدأت البحث في الإنترنت عن فيروس كورونا المستجد فوجدت أنه لا يوجد لقاح أو علاج نوعي له حتى اليوم. وتتم الرعاية الصحية للمصابين به من خلال تخفيف حدة الأعراض والعمل على علاج مضاعفات المرض عبر تقديم بعض الأدوية كالمضادات الحيوية و الفيروسية و المضادة للملاريا ونقص المناعة، ومازالت تجري عليها التجارب لدراسة مفعولها ضد الفيروس أو التقليل من مضاعفاتها على جسم المصاب به ، ومتابعة حالة المرضى إلى حين تماثلهم للشفاء
ووضعت مجموعة من الإرشادات الصحية للوقاية من انتشار الفيروس بشكل عام بالحرص على غسل اليدين جيدا بالماء والصابون أو تعقيم اليدين، خصوصا بعد السعال أو العطس واستخدام المنديل وتغطية الفم والأنف به، ثم التخلص منه في سلة المهملات. وإذا لم يتوافر المنديل، فيفضل السعال أو العطس على أعلى الذراع، وليس على اليدين و تجنب ملامسة العينين والأنف والفم باليد. فاليد يمكن أن تنقل الفيروس بعد ملامستها الأسطح الملوثة
ارتداء الكمامة في أماكن التجمع والازدحام و الحفاظ على العادات الصحية السليمة، كتناول الأغذية المعززة للمناعة وأبرزها الخضراوات والفاكهة وشرب كمية كافية من الماء، وممارسة النشاط البدني. وأخذ قسط كاف من النوم
و الحفاظ على النظافة العامة للمنزل بجانب النظافة الشخصية و تجنب الاحتكاك بالمصابين، مع ضرورة مراجعة الطبيب عند الحاجة، في حالة ارتفاع الحرارة .
واستمريت بمتابعة ما يستجد من معلومات حول هذا المرض من قبل وزارة الصحة ومتابعة التقرير اليومي عن عدد الحالات والإجراءات التي تم اتخاذها وما يقوم بها أبطال الصحة للتصدي لهذا الفيروس والاهتمام بمن يصاب به
وقد صدرت قرارات على جزء من مناطق بلدنا الغالي بالحجر الصحي بسبب وجود إحدى عشرة حالة تقريبا في
تاريخ 13/7/1441 الموافق 8/3/2020
وهذا حدث جديد على أبناء الوطن ولا يعرف كيفية التعامل معه لكن المواطنين واثقون بما تقوم به حكومة بلدنا ووزارة الصحة التي تسعى إلى حماية البلاد والعباد وتقديم الرعاية الصحية والعلاج لجميع المواطنين والمقيمين مجانا لمن أصيب منهم بهذا الوباء .
وبدأت البحث عن الكمامات والقفازات والمعقمات وكانت متوفرة في الفندق لخدمة النزلاء ولكنها بقيمة غالية لكن ذلك يهون ويرخص في سبيل الصحة والسلامة
وتابعت سير رحلتي مع المكتب السياحي قبل رحلة العودة بيومين وأخبروني أن كل شيء على ما يرام وسنغادر في الوقت المحدد لكن عند انتهاء الرحلة وقبل التوجه للمطار بأربع ساعات تلقيت رسالة بالغاء الرحلة المقررة فذهبت إلى المطار لأجد رحلة بديلة وإذا بالمطار كخلية نحل من المسافرين من عدة بلدان واخذت افتش جوالي عن رقم للتواصل مع السفارة قمت بالاتصال ورد علينا سكرتير السفارة أن مندوبها متجهة إلى للمطار لمتابعة المواطنين العالقين هناك
ولما حضر المندوب بادر بالسلام ودعانا لعدم القلق وأنه سيتم نقلنا ضيوفا على نفقة بلدنا في فندق مهيئ بكل سبل الراحة سوف تصلنا رسائل بالتعليمات والتقارير عن سبل الوقاية من العدوى بفيروس كورونا المستجد والبرامج الصحية الصادرة من بلدنا الغالي وكيف يتم الحفاظ علينا حتى حين رجوعنا إلى الوطن .
وتم تفعيل خط مباشر من السفارة للتواصل عند حدوث أي طارئ ولتقديم الخدمة والمساعدة لمن يحتاجها
لقد امتدت هذه السفرة القصيرة إلى أجل غير معلوم لذا يتوجب عليّ التواصل مع إدارة عملي وأهلي لأخبرهم بوضعنا الحالي أجريت اتصالا مع أمي الحبيبة والتي كانت لاترغب في سفري وتحثني دائما لجمع المال للزواج والتخطيط للمستقبل وتكرر المقولة الشهيرة ”القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود“
وياليتني أخذت بنصيحتها التي من ذهب فكم من شاب أضاع نفسه ووقع في حبال الدين والقروض والحاجة من أجل أمور ثانوية يمكن الاستغناء عنها وتأجيلها لحين الاستطاعة كالسفر أوشراء ما لاحاجة ماسة له أو اتباع صيحة الماركات والمظاهر الخداعة ويهمل حاجاته الأساسية كالتوفير لشراء سيارة ينتفع بها أو بيت يستقر فيه أو لزواج وتشكيل أسرة مستقرة لكن يا للأسف لايدرك البعض خطورة ماوقع فيه إلا بعد أن يقع الفأس في الرأس .
بعد مكوثنا في الفندق بدأت أفكر كيف سأقضي أيامي بين جدران هذه الغرفة وهنا خطرت لي فكرة بإنهاء المشروع الذي كنت أحلم بإنجازه بدأت بالتخطيط والتواصل مع فريق العمل لمساعدتي على إنجاز المشروع خلال فترة إقامتي في الفندق
على الرغم من جمال الطبيعة والمناظر الخلابة التي كانت تطل عليها نافذة غرفتي إلا إنني بدأت أشعر بالضيق وأنا بين جدران الغرفة لا أستطيع الخروج منها فكل الخدمات تقدم إلينا دون الحاجة للخروج فيقدم الطعام لنا بحذر ومتابعة قياس درجة الحرارة متواصلة وكأننا في سجن لكنه بخمس نجوم
وكلما زادت المدة شعرت بالوحدة والقلق وصعوبة انتظار رسالة جوال أو اتصال يبشرنا بالعودة للوطن والأهل وخصوصا أمي الحبيبة التي عذبها الشوق والفراق والتي لاتلهج إلا بالدعاء لنا بالحفظ والسلامة
وبعد فترة من الزمن تم السماح لنا بالعودة الى أرض الوطن ووفرت لنا السفارة مشكورة كل الإجراءات للانتقال وبالفعل وصلنا إلى أرض الوطن لكن ليس لمنازلنا بل إلى الحجر الصحي في أحد الفنادق مرة أخرى
انقضت تلك الفترة بسلام ولله الحمد وكانت أول وجهة التوجه إلى المنزل للسلام على والدتي التي كانت جالسة على سجادتها تدعو لي بالعودة سالما ولما سمعت صوتي قالت : الحمد لله على عودتك سالما ولقد آلم فراقك قلبي وعليك أن تعدني ألا تسافر إلا بعد استقرار حالتك الاجتماعية، ومن ثم تواصلت مع فريق العمل وأخبرتهم أنني سأقدم المشروع الذي أنجزته وقد حاز على رضاهم وتمت الموافقة عليه.
بعد هذه التجربة التي لم تخطر على البال أو الخاطر والتي ذللت صعوباتها بفضل جهود وطن يهتم بالمواطن ويقدم له كل السبل ويذلل كل الصعوبات ليعود لأحضانه سالمًا
وأخيرا حمى الله البلاد والعباد ودمتم سالمين .
4 pings