لها اسماء كثيرة تعرف بها منها أم جفير والنمنمة ولكن غلب عليها اسم أم الزعير وعرفت في المنطقة بذلك صغيرة الجسم أن لم تكن أصغر الطيور حجمٱ خفيفة ورشيقة في تنقلاتها لا تكاد تقف في مكان واحد لثوان معدودة حتى صعب على الفريق المكلف بالتصوير من قبلي إلتقاط صورٱ لها يميل لونها إلى البني والرمادي المخطط أحيانٱ ذات منقار طويل تلتقط به الأكل من بين النباتات والأشجار كذلك الحشرات من تحت الأرض ذيلها طويل لحد ما دائمٱ ما ترفعه إلى الأعلى وهو طائر مغرد وونيس يحب الوناسة والحركة المفرطة ووزنه لا يزيد على عشرة غرامات ويعيش في الرقع الزراعية والحقول وبالقرب من السدود والجداول المائية .
وسبب تسميتها بهذا الاسم لأنها تزعر بصوتها أو لصغر حجمها كما هي ثمرة الزعرور صغيرة الحجم ومرة الطعم عندما يحين موعد التكاثر تتزاوج ومن الصعوبة بمكان أن تفرق بين الذكر والأنثى لشدة التشابه فيما بينهما تضع الأنثى بيضها وتتركها في الأعشاش حتى تفقس ثم تطعمها لحين ما ينبت لها الريش بعدها تقوم بتعليمها الطيران للاعتماد على نفسها .
تتغذى أم الزعير على الديدان والجنادب والعناكب وبعض الثمار والبذور التي تلتقطها من الأرض ومن الأشجار والأعشاب وهي بذلك مساعدة للانسان في التخلص من هذه الحشرات الضارة للزراعة والمفسدة للثمار والتي يصعب على الانسان التخلص منها .
تختلف أم الزعير عن باقي أجناسها من الطيور المغردة ، بأن تبني اعشاشها قريبة من الأرض فهي لا تعبه بخطر الحيوان والانسان من الاصطياد فهي لا تبنيها في الاماكن المرتفعة والبعيدة بل على الأشجار القصيرة مثل شجر السود والريحان ( المشموم) وفي مبخر الورد بين الأشواك ( وردة تنبت كالمبخر ) وعلى اعواد العقربان في الأعلى في الكوشة المكونة من الريش الخفيف المتطاير بل إنها تبنيها احيانٱ على حشائش الحلفة المتلاصق ، كما إنها تبنيها من مواد خفيفة ليست من الأغصان والأعواد كغيرها من الطيور الاخرى المغردة بل من خيوط متسللة ومن الليف ومن الريش والقطن ومن الأخواص الدقيقة حتى لا تثقل به أغصان الأشجار مما يعرض العش للسقوط .
لأم الزعير تراث شعبي كونته مع الانسان عرفت به وبامور اختصت بها سوف نذكرها للتوثيق فمثل هذه الأمور حرام إندثارها دون رصد لتظل يتعرف عليها الجيل الحالي والجيل القادم ويستانس بما جاء فيها ودليل ذلك كثرة من طالبني بالكتابة عنها ، فمن تلك الأمور إن الانسان يأكل لحوم الطيور بعد اصطيادها إلا أم الزعير كان الاعتقاد السائد لدينا ان من يأكلها لا يكبر ويظل جسمه على ما هو عليه لا ينمو لذلك نتجنب اكلها فعندما نمسك بها نقوم بإطلاقها فورٱ قربة ألى الله تعالى .
ثانيٱ : من الأمور اللطيفة في تلك الأيام الجميلة التي عشناها مع هذا الطائر الجميل والمغرد اننا لا نحب اصطياده وتركه لحاله إلا ما ندر كوقوعه في الأشباك المنصوبة للصيد ومن ثم نقوم بفكه واطلاقه فمن ذلك ضرب به المثل الشهير : ( أيا من ضيع شيله على أم الزعير ) بمعنى أن أم الزعير لا تستحق ان ترميها برصاصة ( فشقة) ولعل ذلك قيل من عدة نواحي من ناحية جسمها الصغير فلا تتحمل ذلك ويتقطع جسمها وكذلك من ناحية أنه في حال اصطادها فلا يأكلها وأيضٱ من ناحية أنها لا تقف في مكان معين فمهما صوب عليها البندقية أو الشوزن (المقمع ) فهي تغير مكانها باستمرار فالرصاصة ضايعة من دون شك في الهواء فلو صوبها على طائر أكبر وله منه فائدة أفضل كالطيور والحمام والبلابل .
ثالثٱ : ألف البعض على هذا الطائر المشاكس بعض الأشعار والأهازيج كان الصبيان يرددونها حين الاقتراب منه فقالوا : ( أم الزعرعر صادها البلبول قالت يا عمي هدني ببول قال ما اهدك قبل ما اقطع اذنيبك وان ما سكتي اخرب اعشيشك ) فهذه من الأهازيج التي يرددها الصبيان بلحن ذيك الأيام .
لا زالت أم الزعير موجودة هذه الأيام لكن قل تواجدها ليس بسبب الصيد الجائر فالانسان لا يحبذا اصطيادها ولكن لأسباب أخرى منها تناقص الرقعة الزراعية الخضراء مما سبب لها ضيق في ذلك كذلك بعد الفلاح عن العمل الزراعي وإقامته وسكنه في المدن والقرى فمن ذلك أصبح بعيدٱ لا يشاهدها كما في السابق .