لطالما كان إسلوب الخطاب والحوار هو العصا السحرية التي يبحث عنها كل صاحب رسالة ومهنة لبلوغ الهدف المنشود بصورة مرضية ومثالية متكاملة الأطراف وللمنبر الإسلامي نصيب من هذا الطرح إذ أن هذا المنبر كامل وملب لكل احتياجات العصر على اختلاف الرؤى والمسارات المتعددة.
ومن خلال رؤية إسلامية متمثلة بشخصيتي النبي الأعظم (ص) والإمام الحسن العسكري (ع) ألقى الشيخ محمد العباد خطاب الجمعتين الماضيتين الأول من شهر ربيع الأول والثامن منه تحت عنوانين ( الحوار الهادف) و ( لين الخطاب).
وفي الحوار الهادف ذكر سماحته أن أول قاعدة تأسيسية لبلوغ الهدف من الحوار وهو استيعاب المسارات والإتجاهات الفكرية المتعددة حيث أن في كل مجتمع قد يكون هناك حراك فكري وهذا الحراك من طبيعته أن تكون له مسارات صحيحة سليمة ومسارات خاطئة وهنا تأتي أهمية تصحيح المسارات الفكرية الخاطئة من حملة الفكر الإسلامي ومهم جداً أن عالم الدين بالدرجة الأولى والأكاديمي المهتم بالشأن الثقافي والإسلامي أن لايتجاهلوا المسارات الفكرية بصحيحها وسقيمها وأن يكون لهم دور وحضور في هذه القضايا.
ثم ذكر جناب الشيخ الهدف السامي الذي ينبغي أن يُنظر له عند كل حوار وهو هداية المسار وليس مجرد نقاش غير نافع وأهمية تسخير الطاقات الفكرية في التحاور والمناقشات مع الإعتراف بمزايا الطرف الآخر.
وختم الخطاب بأهمية التواضع الفكري حيث أن الفلاسفة والمفكرين قد تحصل عندهم بعض الأخطاء والإشتباهات نتيجة البحث والتحري ومن خلال الحوار الهادف يستطيع الإنسان الوقوف عند مكامن الخطأ عنده ثم التراجع عن بعض الأفكار وذلك بالتواضع الفكري.
هذه القواعد استقطعها سماحة الشيخ من قصة الإمام الحسن العسكري (ع) مع الفيلسوف الكندي التي تعطي الرؤية الإسلامية للحوار الهادف بالإحترام والتقدير والتواضع الفكري.
وفيما يرجع للخطاب اللين ذكر سماحة الشيخ أهمية لين الخطاب في جذب الآخرين للإصغاء والإستماع والتغيير ومن الطبيعي أن الكلام الخشن والشديد عندما يوجه لفرد ما سيعتبره نوعاً من الإهانة والتسقيط وسلب الكرامة منه و من طبيعة الإنسان أنه يسعى إلى حفظ كرامته وسمعته وإحترام شخصيته و أكد على أن القرآن الكريم تناول أهمية ودور الكلام اللين في الخطاب حيث أن هذا الخطاب المتمثل بالرحمة والرأفة جسّده النبي الأعظم (ص) في دعوته لقومه وكان له الدور الكبير في تليين القلوب القاسية .
ثم ذكر سماحة الشيخ قواعد الخطاب اللين ومنها التحبب إلى الناس على اختلاف معادنهم ومكانتهم ودرجاتهم حيث أن الخطاب الفض يتعارض مع الحب للآخرين لاسيما عند وقوع الإختلاف يؤدي إلى عدم فهم الرسالة المرجوة .
والإنسان اللين هو الذي لايسعى لفرض رأيه على الآخرين أو السخرية من آرائهم وإنما بطرح البرهان والدليل.
وفي ختام هذا الخطاب ذكر سماحته خلقا قرآنيا ينبغي أن يتغلغل في روح الخطاب اللين وهو الصفح الجميل وهو من أهم درجات التسامح الذي وصفه الله بالجميل لأنه لايتبعه من أو تذكّر للموقف السيئ وأكد الشيخ العباد أن هناك مرتبة أعلى من الصفح وهي الإحسان الى المسيئ كما قال تعالى مخاطباً حبيبه النبي الأعظم(ص) ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن) .