
تُعتبر الأخلاق هي المبادئ الأساسيّة التي يقوم عليها أي مجتمع، فالجميع يعيش تحت مظلة المُجتمع ولا بدّ من تنظيمِه بقواعد محدَّدة من أجل أن يكون قوياً وسليماً. ولما للأخلاق من أهمية نجدها في جانب العقيدة حيث يربط الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم – بين الإيمان وحسن الخلق، ففي الحديث لما سئل الرسول -صلى الله عليه وسلم-: أي المؤمنين أفضل إيماناً؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: «أحسنهم أخلاقاً ». ثم إن الإسلام عدّ الإيمان برّاً، فقال تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللِّه وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “البر حسن الخلق“. والبر صفة للعمل الأخلاقي أو هو اسم جامع لأنواع الخير. وكما نجد الصلة بين الأخلاق والإيمان، نجدها كذلك بين الأخلاق والعبادة إذ إن العبادة روح أخلاقية في جوهرها؛ لأنها أداء للواجبات الإلهية. ونجدها في المعاملات، وهي الشق الثاني من الشريعة الإسلامية بصورة أكثر وضوحاً. وهكذا نرى أن الإسلام قد ارتبطت جوانبه برباط أخلاقي، لتحقيق غاية أخلاقية، الأمر الذي يؤكد أن الأخلاق هي روح الإسلام، وأن النظام التشريعي الإسلامي هو كيان مجسد لهذه الروح الأخلاقية. فلا يعتبر الإنسان إنساناً إلا بأخلاقه، وإلا سوف يصبح حيواناً ضارياً كاسراً، يحطّم ويكتسح كلّ شيء، وخصوصاً وهو يتمتّع بالذّكاء الخارق، فيثير الحروب الطّاحنة، لغرض الوصول لأهدافه الماديّة غير المشروعة، يزرع بذور الفُرقة والنّفاق ويقتل الأبرياء! نعم، يمكن أن يكون متمدّناً في الظّاهر، إلا أنّه لا يميّز الحلال من الحرام، ولا يفرّق بين الظّلم والعدل، ولا الظّالم والمظلوم! إذن الأخلاق هي عنوان الشعوب، وقد حثت عليها جميع الأديان، ونادى بها المصلحون، فهي أساس الحضارة، ووسيلة للمعاملة بين الناس وقد تغنى بها الشعراء في قصائدهم ومنها البيت المشهور لأمير الشعراء أحمد شوقي:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت …. فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا… قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-:( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) فبهذه الكلمات حدد الرسول -صلى الله عليه وسلم- الكريم الغاية من بعثته أنه يريد أن يتمم مكارم الأخلاق في نفوس أمته والناس أجمعين، ويريد للبشرية أن تتعامل بقانون الخلق الحسن الذي ليس فوقه قانون، إن التحلي بالأخلاق الحسنة، والبعد عن أفعال الشر والآثام يؤديان بالمسلم إلى تحقيق الكثير من الأهداف النبيلة منها: سعادة النفس ورضا الضمير، وإنها ترفع من شأن صاحبها وتشيع الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم وهي طريق الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.