دعيت إلى مأدبة في منزل صديق عزيز علينا بمناسبة قدوم مولوده الجديد الذي ملأ بيته بهجة وسرورا ونشر الفرحة والابتسامة على محيا أمه وأبيه وقدم لنا تلك المأدبة التي تحوي ما حلا وطاب من مختلف أصناف الطعام التي لانستطيع حصرها كما قدم أكلات شعبية لذيذة لا تكاد تميز طعمهافسرعان ما تبتلعها من لذتها وكانت مقدمة بشكل يغري الناظر إليها فلا يستطيع التوقف عن الأكل منها وصاحب الدعوة يرحب بضيوفه ويقدم لهم مايستطيع تقديمه .
وبعد الانتهاء من ذلك الطعام اللذيذ جاء دور العصائر الطازجة المنوعة والمشروبات الغازية والألبان وغيرها بعد ذلك انتقلنا إلى ركن المشروبات الحارة القهوة والشاي وغيرها وبجانبها المكسرات والمقبلات والحلويات المنوعة ولم نترك طبقا إلا أخذنا منه وصاحب البيت يقول لنا هل من مزيد ويستمر بتقديم الأطباق طالبا منا تذوقها جميعا والكل يتبادل الابتسامات ويعبر عن حرية تناول الطعام هذا اليوم ولن يراعي تقسيمه فليس هناك ….ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك وكل ذلك بدعوى وجوب حفظ النعمة وكل ذلك على حساب تلك المعدة المسكينة.
أخذت أترنح من الشبع و قلت لصديقي العزيز ممازحا أكمل جميلك وهات الفراش فرد علي برحابة صدر هناك غرفة للضيوف جاهزة بكل الوسائل لمن يريد الراحة فشكرت صديقي العزيز على هذه الضيافة والحفاوة وهممت بالخروج بجسم ثقيل ومعدة مملوءة وكأن بها كيس رمل أمشي بصعوبة حتى وصلت سيارتي وجلست على كرسي القيادة وأحسست كأن حجمه قد صغر ولانتفاخ بطني لا تستطيع يدي الوصول إلى المقبض
وصلت إلى البيت وطرقت الباب بقوة طالبا من زوجتي فتح الباب بسرعة فتحت الباب وقالت لي معاتبة لماذا التأخير ألا تعرف أن لدي موعد لزيارة أختي ؟! لم أستطع التحدث معها وطلبت منها تأجيل الحديث إلى الصباح وما أن دخلت صالة البيت حتى جلست على أقرب أريكة وغططت في نوم عميق أثناء نومي حلمت أن معدتي تكلمني وتقول لي يا سعد ماذا عملت بي ؟؟
وهي تصرخ من الألم …. آه … آه … آه ..لقد امتلأت من كثرة الطعام حتى تمددت جدراني ولم تعد تستطيع الحركة وشلت عضلاتي ولا أستطيع إفراز العصارة وإنزيم (الببسين) الكافي الذي يساعد في عملية الهضم لأنني تعبت من كثرة استقبال الطعام انتبه يا سعد لقد حذرتك من الإكثار من الطعام حتى لاتصيبني بالتعب وتصاب أنت بأحد الأمراض الشائعة هذه الأيام وسأذكرك بها ( قرحة المعدة والتهابات المعدة من البكتيريا في بعض الطعام وحرقة المعدة والطامة الكبرى السرطان هذا المرض اللعين الذي يؤدي إلى بتر جزء مني أو استئصالي بالكامل )
وللأسف يا سعد فأنت لا تلتزم بأمر الطبيب الذي نصحك أكثر من مرةوطلب منك الابتعاد عن التدخين وتجنب الأطعمةالتي تهيج القرحة أوالتي تؤثر علي وطلب منك تنظيم وقت وكمية الطعام حتى أستطيع هضمه والتخلص منه ويكون لدي وقت للراحة حتى أستعد من جديد لاستقبال الوجبة الأخرى فالله عزوجل أمرنا في كتابه المجيد بالتوازن وعدم الإسراف
وذلك في قوله :(.. وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) والذي يزعجني منك أيضا هو استخدامك الأدوية في كل وقت وبدون مراجعة الطبيب لتحديد الكمية والوقت وإجراء التحاليل اللازمة …صرخت فيها وأصابني القلق منها وقلت لها : لا بأس عليك . فهناك أدوية كثيرة موجودة في درج الطاولة بجانب السرير صرفها الطبيب لي وعندما وجدت منها الفائدة اشتريت كمية منها – قالت لي وهي تتعوذ وتتحوقل هل أنت طبيب نفسك ؟؟ راجع الطبيب لكي يحدد الدواء المناسب لحالتي كالشراب المضاد للحموضة أو الذي يزيد عصارتي أو مضاد الهيستامين الذي يقلل الحموضة أو الأدوية المثبطة المضخة للبروتين الذي يمنع الحموضة ويحد من إفرازاتي .ولتعلم أن كل دواء يتطلب وقتا معينا لتناوله فقد يكون قبل الأكل بوقت كاف أو بعده حسب نوعية الدواء حتى تتحقق الاستفادة منه ولا يؤثر على سلامتي ولايؤذي جدراني ويؤثر على عصارتي وهناك أيضا مواد طبيعية تساعد على تهدئة آلامي مثل مضغ العلك وشرب الحليب الطازج .
قلت لها حسنا لقد تعلمت الكثير من كلامك العلمي الدقيق فشكرا لك- قالت لي :إن هذا من كثرة ما أعاني من ألم لذا عليك يا سعد أن تراعيني وتلتزم بالأكل الصحي وتبتعد عن الأطعمة التي تزيد من الحموضة لدي وأن لا تمد عينك ويدك إلى ما لا يناسبك ويؤذيني .
مر وقت على نومي وإذا بي أستيقظ على صوت زوجتي قائلة : لماذا تحدث نفسك وأنت نائم؟ قلت لها : لاتقلقي فقط احضري لي كأسا من الحليب فكل ذلك بسبب دعوة لم أتعامل معها بشكل مناسب على حساب جسمي وصحتي وألحقت الضرر بمعدتي – تمنت زوجتي لي الشفاء والعافية ولكل إنسان يعيش على أرض هذا الوطن المبارك وأن يعم الأمن والأمان في ربوعه
أعزائي : أتمنى من الجميع ومن كل من يعاني من أمراض المعدة قراءة كتاب (أمراض الجهاز الهضمي والتغذية لدى الأطفال للمؤلف : د. ابراهيم المسلمي وعبد العظيم الابراهيم) لكي يكون لديه الوعي الكافي ويحمي نفسه من أمراض المعدة والجهاز الهضمي .