وقفتُ بجانب نخلة سامقة افتخرتْ بجذعها الشامخ منذ عهد بعيد جواهر ما بين كهرمان وياقوت تدلت بها أياديها وابتسامة على ملامحي من غفلتها الذكريات تستفيق..
نظرت إليها ورائحة التراب تملأ أنفي لا أعلم أهي رائحة أجدادي أم أشواق تختلج مع الطين والنسيم العليل داعب سعفات فؤادها ألمحها محنية كما الأم على فلدة أكبادها تحنو تحلم بالرعيل..
دنوت كالطفل البريء ساءلتها: أين رحلوا عنك من غرسوا شتلاتك والسمر معهم لا يصمت والبدر مضيء..
أين الأجداد عنك مضوا وبين لويحات كيانك تركوا ودائع آمال وبدفء حنانك نسوا آلام الوهن العريق..
عندها قال أبي؛ لا تسلْ عمن غابوا ونخلتهم مازالت لهم وفيةً لا تعدل عن وطنها والطير بين أجنحة السعفات يستكين..
مازالت جدائل شمس ذهبية ترسم ظلالها بين الفؤاد والهدب يخفق رمشه.. لا يغفو ..لا يغمض أجفانه ربما طائف منهم يقبِل فالروح لا تكلّ النظر لخيالات يشيعها مع الأيام أنين الرحيل.
اللهم ارحم من غرسوا لنأكل ولم ينتظروا من تحت الثرى إلا آيات رحمة وآمين..