إن الله سبحانه وتعالى والأنبياء وأهل البيت (عليهم السلام) يحثون البشر على استقبال شهر رمضان بنفوس وقلوب خالية من الحقد والبغضاء والعداوات، وشهر رمضان يعتبر فرصة لاحتواء الخلافات ومعالجة الظواهر الاجتماعية السلبية.
القناعات والأفكار والسلوكيات البشرية تختلف بين مجتمع وآخر فهناك مجتمعات تتبع الطرق التي لها دور في احترام الاختلاف وتهدئة الأمور بشكل واعي من غير انتهاج الممارسات غير الأخلاقية، بينما هناك مجتمعات تلجأ إلى استخدام مختلف طرق التسقيط التي تمهد الطريق لتوسيع فجوة الخلافات في البيئة الاجتماعية وإثارة الأحقاد بالنفوس.
إن مشكلة التسقيط لا تتمحور فقط حول الجانب الاجتماعي بل حتى الثقافي والفكري وغيرها من الجوانب الأخرى، بالإضافة لأن التسقيط يعتبر مشكلة في الوعي والثقافة والأخلاق والسلوك بين الناس، فهناك من يسقط فكرة أو مشروعا في الحياة، ويوجد من يعمل على تسقيط شخضية معينة بسبب ما يحمل من ضغينة تجاهها، وتارة ترى من يلجأ للتهجم على من يختلف معه بغرض التسقيط.
شهر رمضان المبارك يدعو لتعزيز ثقافة احترام الاختلاف بين الناس من خلال عدم إرساء ممارسات غير أخلاقية تجاه الأشخاص الذين يختلفوا مع الآخر في فكرة أو رأي أو قناعة معينة، وإنه لأمر معيب بأن نرى في الشهر المبارك شرائح اجتماعية تهدف لتسقيط شرائح أخرى فهذا يعتبر من أكبر الرذائل.
عندما يرى الفرد أن هناك فكرة مختلفة أو مشكلة وظاهرة معينة لها تأثيرات سلبية على التماسك الاجتماعي، فإن لديه الحق في التعامل معها بطريقة إيجابية من دون العمل على تسقيط الفكرة، ومن هنا ينبغي معالجة المشاكل الثقافية والفكرية وغيرها من مشاكل أخرى، بالإضافة لمعالجة ما يتمحور حول الشؤون الاجتماعية بأسلوب هادئ وتغذية العقل بمختلف المهارات والمعارف الإنسانية.
كما يجب عدم تعزيز التنافس السلبي الذي يكون الهدف منه تحقيق الغايات والأهداف السلبية التي لا تخدم البيئة الاجتماعية، فذلك النوع من التنافس يؤدي لانتشار ثقافة التسقيط بشكل كبير، من هنا على المجتمع أن يسعى لتعزيز التنافس الإيجابي بين الآخرين؛ فهذا يمهد لتقليص ثقافة التسقيط التي تهدف لتدهور الراحة والطمأنينة، لأن تلك الثقافة تزرع الضغائن في النفوس، ولهذا فإن الشهر الفضيل يعتبر فرصة لتصفية الأحقاد من النفوس وخلق الأجواء الإيجابية بين أفراد المجتمع، وذلك من خلال عدم تصفية حسابات الآخرين (بهدف الانتقام).