مما لا شك فيه أن المملكة العربية السعودية – حرسها الله – تحرص على تقليص تباين القوى الشاسع بين الإدارة والأفراد، من خلال ضبط عمل جهات الإدارة بالأنظمة واللوائح، وكذلك من خلال الرقابة القضائية التي يقوم بها ديوان المظالم – جهة القضاء الإداري في الدولة – على أعمال وقرارات الإدارة.
وبما أن هذه الأنظمة ذات صياغة بشرية فلا مناص من أن تحتوي على نصوص قد لا تنسجم مع الواقع عند تطبيقها، ولعل منها ما نصت عليه المادة الخامسة (ثانيا) من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات أمام ديوان المظالم التي تنص على أنه: “لا يجمع في الدعوى بين أكثر من مدع، أوعدة طلبات لا رابط بينهما، أو دعوى الإلغاء والتعويض”.
وعدم جواز الجمع بين طلبي الإلغاء والتعويض في دعوى واحدة يستوقف الكاتبة دائمًا مما جعلها تبحث عن مبرراته ولم تجد في الحقيقة سببًا وجيهًا لهذا المنع.
فالقول بأن الهدف الأساسي من إلغاء القرار الإداري حماية مبدأ المشروعية أما الهدف من طلب التعويض هو حماية حق خاص معتدى عليه هو قول نظري بحث وكون ولاية القاضي في دعوى التعويض كاملة فأنها لا تقدح في ولاية القاضي الناقصة في دعوى الإلغاء.
وفي المقابل نجد أن استقلال الطلبين في دعويين رغم كون التعويض ناتجًا عن القرار الإداري غير المشروع يترتب عليه إهدار لوقت وجهد كل من الخصوم والقضاة وإغراق المحاكم بالدعاوى، حيث أنه لو كان جائز الجمع بينهما لسقط عدد كبير من الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الإدارية، بيد أن القاضي الناظر في دعوى إلغاء القرار الإداري هو أحق بالحكم بالتعويض كونه أعلم بحيثيات الدعوى من غيره.
وفي الأخير نأمل أن يتم تعديل النص المشار إليه بحيث يسمح بإضافة طلب التعويض إلى عريضة دعوى إلغاء القرار الإداري الناتج عنه الضرر الموجب للتعويض كما هو الشأن في الكثير من الأنظمة المقارنة وذلك للمصلحة المرسلة التي تجد سندها في عمق تاريخ الفقه الإسلامي وأصوله ومن باب أولى أن يأخذ بها المشرع السعودي كونه قائمًا على الشريعة الإسلامية.