أصبحنا في مجتمع منافق يحرّض على تناقل الأخبار الكاذبة ليروجها في إشاعات يختلقها العقل المجتمعي ويتداولها حتى تصبح الحدث الأهم و”الأصح” واليقين المتفق عليه.
نلاحظ هذه الأيام انتشار الإشاعات في أوساط المجتمع رجالا ونساء خصوصا في ظل ثورة برامج التواصل الاجتماعي كـ “توتير” و “واتساب” وتعد الإشاعات الكاذبة والأراجيف الباطلة من أخطر الابتلاءات التي بليت بها مجتمعاتنا العربية والإسلامية في العصر الحاضر.
ويظل كل من ينساق وراء ذلك في سوءات “الغفلة ” عن قوله تعالى” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ“. سورة الحجرات (٦).
فقد أمر الله عز وجل في محكم كتابه بالتبيّن والتثبت لأنه لا يحل للمسلم أن يبّث خبرًا دون أن يكون متأكدا من صحته.
ويقول المتنبي: “هم نسبوا عني الذي لم أفُه به وما آفة الأخبار إلا رواتها” إنها آفة مقيتة تسبب أمراضاً للقلب وخللاً للعقل وتفرق الأحبة فور تصديق الإشاعة وتشكل سببا رئيسيا في تفرق أُسر وشتات الأمة.
لذا فإنه يجب وضع حد لها فقد باتت متداولة بين المجتمع وخاصة بسهولة تداولها مع وسائل التواصل الاجتماعي الذي يمثل سلاحاً خطراً ذَا حدين!
لا يفكر كثير من المسلمين في مضمون الإشاعة الذي قد يحمل في طياته الكذب والافتراء والتجني، بل تراه يستسلم وينقاد لها وكأنها من المسلّمات.
لو فكروا وتدبّروا فيها لما انتشرت ولقيت رواجاً تمعّن في نقل الأخبار فبعضها تأتي كالرصاصة مثل خبر الوفاة والمرض لا تنقلوا شيئاً لستم متأكدين من مصدره وأصل توثيقة فقد يولّد صدمة لأهل الميت الذي لم يمت أصلا تأكدوا قبل أن تهلكوا البشر بإشاعاتكم المخيفة والمفجعة.
لقد بيّن الله حال المؤمنين الذين تكلموا في حادثة الأفك فقال سبحانه: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ). سورة النور (١٥).
انظر إلى محتوى هذا النص (إذ تلقونه بألسنتكم) إنه من البديهي أن الإنسان يتلقى الأخبار بسمعه لا بلسانه ولكن كثيراً من الأشخاص لم يستعملوا التفكير لم يمرروا ذلك الخبر على عقولهم ليتدبّروا فيه بل قال الله عنهم؛ أنهم يتلقونه مثل: حادثة الإفك بألسنتهم، ثم يتكلمون بها، بأفواههم من شِدة سرعتهم في نقل الخبر، ولم يفكروا قليلا (بَلِ الإِنسَانُ على نَفْسِهِ بَصيِرَةٌ) سورة القيامة (١٤) فأنتبه أن تقدم ظنهم فيك على يقينك فأنت الصادق وهم الكاذبون.