مهدي الرمضان بوياسين رحمه الله تعالى رحمة الأبرار قامة مشرقة شامخة في سماء وطننا الغالي فهو قمة بل قمم في جزيئاته التي تتشكل منها شخصيته وذاتيته فبهاء وجهه الوضاء ونقاء سريرته وابتسامته جزيئات ناصعة يستشعرها كل من عرفه لهذا لا غرابة أن نرَّ هذه الشخصية السمحة قد استقطبت مداد القلوب ويراعات المحبين من علماء، وخطباء وشعراء وأدباء ووجهاء وأقرباء أوفياء كل منهم يتسابق فيما جادت به قريحته منهم السيد محمد رضا السلمان بوعدنان- بأبياته الضافية والسيد الشاعر علي النحوي والشاعران الجاسمان الصحيح وعساكر والباحث أحمد البقشي والسيد الأديب أمين الغافلي والمهندس عبدالله الشايب والأستاذ الأديب عبدالله بوخمسين بوأحمد- والأستاذ محمد العيسى وغيرهم الكثير. وأبناء عمومته الذين فاضت يراعتهم وبراعتهم باختلاجات تنضح ألماً وحسرة كما سطره أبو كميل والإعلامي سعيد الرمضانيان وبالمقام الأول زوجه المؤمنة الوفية -أم ياسين- وأبناؤها البررة وأخيه صادق الصديق الصادق لعضيده، ليسطروا بمدادهم الزكي أسمى كلمات الوفاء والعرفان بأحرف تكاد تقطر ألماً على فراق تلك الروح السامية.
وإذا أردنا أن نتعرف أكثر على هذه الشخصية الأحسائية الرمضانية نجد أن ثمة خط انتهجه في مسيرته وسيرته الحياتية وربما بتصوري هذا الخط هو العمود الفقري وهو: الابتعاد عن (الاصطفاف) فحياتنا كما نعلم جميعاً بلا استثناء فيها توجهات واختلافات ورؤى وبطبيعة الحال هذه الاختلافات بل التمايزات مصدرها حب الجماعة فالإنسان إجتماعي بفطرته وينسجم مع جماعته ويتوافق معهم في الرؤى وعلى ذلك بعضهم عندما يكون ضمن جماعة معينة أو شريحة معينة يتعصب ويتخندق ويكون في برح عاجي يرمق الآخرين بنظرات شزر تجاه من لا يتوافق معهم بينما فقيدنا الغالي بما حباه الله من جمال خَلق وخُلق وثراء وعلم ومكانة ووجاهة نراه يتحلى بأجمل الصفات الانسانية من تواضع جم وأخلاق راقية تجعله يتقبل غيره مهما كانت الاختلافات ولا يضمر حقداً أو كراهيةً لأحد، ولا يقبل الاصطفاف البغيض أو يجعل مجلسه ومحافله للنيل من المؤمنين وإنما سجيته تقدير الآخرين وحسن الظن بهم بما يتوافق وإنسانيته وتربيته وذاتيته وهذه أهم سجاياه فكم من شخص يعرض نفسه وجيهاً وهو يفتقد إلى أبسط القيم والأخلاقيات، ولا يزينه إلا (كرمك بشته الأحسائي) لكن فقيدنا يزين البشت والمجلس والمحفل الذي يتصدره بجدارة.
وفقدنا يحارب التناحرات ويؤلف القلوب ويدرك أن السبب الرئيس للصرعات التخندق والتأطير، لهذا لا تراه يؤطر نفسه بأطر بالية خاوية فهو مع الجميع بروحه وعطائه وسماحته. وكانت النتيجة أن ما زرعه في المجتمع من إشراقاته انعكست عليه إيجابيا وحصد ثماره اليانعة فعند الدولة له مكانة وحظوة بصفته ممن يضع الخطط الاستراتيجية الزراعية بالمملكة أضف لذلك اختياره ضمن أعضاء مجلس المنطقة بإمارة الشرقية وكذلك مكانته الإجتماعية وفِي أسرته (الرمضان) هذه الأسرة التي أنجبت الأخيار رجالاً ونساء. ولعل أكبر مصداق لذلك التشيع المهيب لفقيدنا الغالي لمثواه الأخير (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ) والجميع شاهد الانعكاس الايجابي لشخصيته بوضوح في الحشود المتتالية لأداء واجب العزاء من جميع الاطياف والمناطق.
ويحسب لأبي ياسين عليه شآبيب الرحمة عدم انسياقه في الاحترابات كما أسلفنا لهذا تراه بعيداً عن الاصطفاف أياً كان وأيضاً لا يدخل نفسه في صراعات ايدلوجية أو اجتماعية، أو ينصب نفسه قيماً وقاضياً على الناس وإنما حسب معرفتنا بشخصيته يحاول جاهداً الإصلاح والبعد عن الزوايا الحادة وزرع المحبة والمودة أينما كان ولعل ذلك من تأثير عمله وتخصصه بصفته مهندساً زاعياً حيث أيقونات ذهنته الخضراء اعتادت السقي والزرع والغرس والنماء والتطعيم وجعل كل شجرة تأخذ حقها من المكان والنور لتنعم بالحياة لتينع تثمارها وكذا الحرص على ثباتها وتجذرها ومحاربة التصحر واليبوسة ونافلة القول أن فقيدنا متوازناً بعقلانية في علاقاته وأمور حياته وهو يأخذ بقول إمامنا علي بن أبي طالب -عليهم السلام-: “اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً“
نسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة وأن يسكنه الفسيح من جنانه وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)
هـ1439-12-3