القارة تلبس عن بكرة أبيها سواد ثيابها .. في يومآ مظلمآ حزينآ ودع شيعة آل محمد سماحة السيد عبد الله الصالح ابو رسول إلى مثواه الأخير على ارض تراب مشهد الشريف بجوار جدة الأمام علي ابن موسى الرضا عليه السلام.
أبا رسول : ينعاك شيبنا ، وشبابنا .. ينعاك رجالُنا ، ونساؤنا .. تنعاك قلوبنا ، وألسنتنا .. تنعاك أقلامنا ، ومحابرنا .. تنعاك أرضنا ، وجبلنا .. تنعاك قبائلنا .. تنعاك عشائرنا .. تنعاك أسرنا .. تنعاك مشاعرنا .. تنعاك شعائرنا .. تنعاك مساجدنا .. تنعاك محاريبنا .. تنعاك حسينياتنا ..
كُنت سيدي .. بشوش الوجة. كُنت سيدي .. همك في قلبك وبشرك في وجهك. كُنت سيدي .. حسن المعشر لين العريكة. كُنت سيدي .. محباً للخير ودالاً عليه. كُنت سيدي .. وصولاً للرحم عطوفاً على الفقراء. كُنت سيدي .. ودوداً لمن حولك. كُنت سيدي .. كالنور الذي يُهتدى به في ظلمات الجهل والغي. كُنت سيدي .. كالبلسم الشافي لجروحنا ودوائنا .. كُنت سيدي .. كالسيل الهادر في عطائك وسخائك. كُنت سيدي .. كالغيث الذي ينبت الخلق والفضيلة. كُنت سيدي .. من يقصدك الجميع ليجدوا فيك الواحة الغناء. كُنت سيدي .. من يستريحون فيك وإليك حين يهجعون. كُنت سيدي .. كمن غرست في نفوسنا محبة الناس وحب الخير. كُنت سيدي .. الملاذ و المحيا لمشاكلنا وأزماتنا.
يا والدنا .. لن ننساك وأنت من كنت تنادي بالتسامح واللين. وكيف ننساك وأنت من كنت تنادي بالتآخي والتعاضد والتكاتف. فلم ولن .. ينساك أهلك ومحبوك. وكيف ننساك وها هي : نظراتك الثاقبة التي بعثت فينا التفاؤل والأمل والوجدان والعطاء والسخاء. نظراتك التي تعيش حية في عيوننا ووجداننا. رحلت عنا بجسدك الطاهر وستبقى ذكراك في قلوبنا.رحلت يا قدوتنا .. وستبقى ذكراك عطرةً طيبة راسخةً في أعماقنا.
ولن انسى موقفآ شخصيآ معك حينما أيدت الأستبيان الذي طرحتة ووزعته قبل وفاتك بسنتين ونيف بخصوص ( مظاهر الترف والإسراف في مناسبات العزاء ) وتطرقت له بخطبتك الشريفة يوم جمعة بمسجد الجماعة مما كان له الأثر في تجاوب الكثير من أوصياء ذوي المتوفين من بلدتي القارة الحبيبة بتطبيق فترة واحدة للعزاء ووجبة واحدة فقط.
سيدي ابا رسول : لقد جاورت ضامن الجنة ورقدت في جواره. فهنيئاً لك ذلك بعد أن دعاك فلبيت دعوته. لتبقى روحك الطاهرة مرفرفة برياض الجنان.فنم يا والدنا ويا سيدنا ويا حبيبنا ويا قدوتنا. نومآ هنيئاً مريئاً لك الجنة. نم وقلوبنا تلهج بذكراك . نم نومتآ رافعآ الرأس. أما نحن يا سيدي فحزننا عليك سرمدا. وستذكرك الاجيال واحدآ تلو الآخر : فخرآ .. وعزآ .. ومجدآ .. وهيبتآ .. ومقامآ شامخآ. وعلمآ واسعآ.
فلنرفع أكففنا إلى السماء سائلين رب العزة والجلال أن يصب على جسدك الطاهر وقبرك الشريف الضياء والنور والسرور وأن يحشرك بأعلى عليين مع العتره الطاهرة من آل بيت النبوه وموضع الرسالة وأن يرحمك بواسع رحمته وأن يسكنك الفسيح من جناته أنا لله وأنا إليه راجعون لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ( يا أيتها النفس المطمئنة ـ ارجعي إلى ربك راضية مرضية ـ فأدخلي في عبادي ـ وأدخلي جنتي ) الفاتحة إلى روحك السجية وأرواح والديكم ووالدينا والمؤمنين والمؤمنات تسبقها الصلاة على محمد وآل محمد لتعذرني سيدي بما نثره قلمي المتواضع بحقك
السيرة الذاتية : السيرة العطرة للفقيد السعيد : هو السيد عبدالله بن السيد علي بن السيد صالح العبدالمحسن المعروف بـ ( السيد عبدالله الصالح أبو رسول) عالم جليل وأديب شاعر ولد ببلدة القارة بالأحساء بتاريخ (3) شعبان سنة 1349 هـ وبها نشأ وترعرع هاجر إلى النجف الأشرف لتحصيل العلوم الشرعية وهو ابن العشرين وحضر هناك عند لفيف من العلماء،
أبرزهم الشيخ الفضلي, والسيد محمد حسين الحكيم, والسيد الخوئي , والسيد الشهيد الصدر. مثل السيد الخوئي في مدينة الحلة 12 سنة ومثلة في بعثة الحج لعدة سنين ومثل عدد من مراجع التقليد ابتداء من السيد الخوئي إلى السيد الكلبيكاني والشيخ الآراكي والسيد السيستاني وغيرهم. عاش في دولة قطر ممثلا للمرجعية الدينية العليا 28 سنة.
توفي (قدس سره) في ايران لزيارة الإمام الرضا عليه السلام ظهر يوم الإثنين بتاريخ 18/7/1429هـ ودفن بجوار مرقد الإمام الثامن. له من الأبناء ستة. المصدر:كتاب(السيدأبورسول رجل العلم والأخلاق) لسماحة السيد هاشم الشخص.
بقلم : عادل بن حسن الشبعان