[JUSTIFY]دقائق أليمة تحكي قصة ينشرها التاريخ في كل عام بطلتها (رقية بنت الإمام الحسين) طفلة بريئة أبت إلا أن تسجل موقفا خالدا يحرج الطغاة أينما كانوا وفي أي زمان حلوا مظهراً غلظتهم وجلافتهم ومبدياً قساوة قلوبهم التي لا تميز في التعامل بين طفل صغير أو شيخ كبير فتجلى من خلال ذلك الموقف زيف المتسترين بلباس الدين وهم له أعداء محاربين ..
حكايتنا ترويها لنا خربة الشام والتي بضمها لجسد تلك الطفلة صارت مناراً ونبراساً ومزاراً لملايين المؤمنين ترويها عن ليلة غابت فيها نجوم السعد حزناً على مصابٍ جلل حلَّ بأرضِ كربلاء انتهى باستشهاد الإمام الحسين بن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وآله برماح وسيوف بغاة طغاة ..
تقول تلك الخربة: لقد تشرفتُ باستضافة سبايا الحسين عليه السلام بعد وصولهم الشام طاب ترابي بريح أقدامهم وازدان فضائي بصراخهم وعويلهم وفي ليلة من ليالي الألم التي حلت بهم شهد ترابي موقفا عظيما لطفلة صغيرة لم تتجاوز الرابعة من عمرها مزجت فيه العَبرة بالعِبرة ..
كانت الأجواء هادئة والسبايا نائمون بعد سفر مضني واجهوا خلاله التعب والنصب ولقوا فيه الأذى من علوجٍ وحوشٍ نُزعت الرحمة من قلوبهم.. ماهي إلا سويعات وإذا بتلك الأجواء قد هاجت بعاصفة من الصراخ والعويل والندب والبكاء وصل صداه إلى مسامع رأس الفتنة الأموي الفاسق يزيد سأل عن سبب الضجة قيل له طفلة للحسين جلست من نومها فزعة وهي الآن تريد أباها بجانبها أمرهم اللعين أن يبعثوا إليها رأس أبيها الشريف ، جاءوا به في طبق مغطى بمنديل لما رأته
قالت :لم أطلب طعاما بل أريد أبي قيل لها طلبك في الطبق ، رفعت الطفلة المنديل فرأت رأس أبيها مخضب بالدماء ، أخذته وقبلته وكلمته: (أبتاه من الذي قطع الرأس الشريف من الذي خضب الشيب العفيف من الذي أيتمني على صغر سني) ثم انكبت عليه صارخة معولة صابغة شعرها من دمه محتضنة له مقبلة مابين عينيه ، لحظات وإذا بالطفلة هدأت وعلى رأس أبيها سقطت رفعوها وإذا بها ميتة ، تجدد العزاء كما في كربلاء ..
تقول الخربة : منذ ذلك الحين طاب ترابي حيث ضم جسد تلك الطفلة الطاهرة فتحولت من خربة مهجورة إلى ضريحاً شامخاً مقدساً ومناراً زاهراً ومقصدا للملايين من شيعة أبي عبد الله الحسين في أرض الشام يفدون إلي من أصقاع الأرض على بعد المسافات ..
[/JUSTIFY]بقلم / أحمد النجار