يمكننا الحديث عن التدين الواعي من خلال دراسة سلوك الفرد وعمقه الثقافي والديني بمعنى التطابق بين القول الفعل فلا تناقض في الثقافة والسلوك والوعي ويكون الارتكاز الحقيقي مصلحة الدين في المقام الأول وليس المصلحة الشخصية التي يسعى إليها أغلب من يلبس قناع الدين. الوعي الديني هو من يملك معرفة دينية كافية وعميقة وعاطفة دينية قادرة على تقديم الثقافة الإيمانية بأجمل صورها، فممارسة اللذة والسعادة الدنيوية ومعاشرة طبقات المجتمع بمختلف ميولهم الفكرية والثقافية وعدم تسقيطهم هو لب التدين الحقيقي.
عكس ذلك لا يسمى تدينا بل خلط في المعنى والمضامين فلايمكن أن يكون المتدين ساعيا للفتنة ومفرقا للمجتمع وسارقا باسم الدين ومالكاً لساناً بذيئا وجار سوء وملابس رثة وأسلوباً مدعاة للتحريض وصدور كلها غل وحقد، فجل وقتهم قلق وتعصب وأنانية بغيضة. وبمجرد فتح حوار معهم ويكون تباين في وجهات النظر حتى يضيقون ذرعاً ويتهمونك باطلا.
كثير من الطعنات التي غرزت في جسد إسلامنا السمح من أولئك الذين يوظفون التدين لمصالحهم الذاتية فيبتزون المساكين والفقراء باسم أعمال الخير وهم بعيدون كل البعد عن ذلك.
إذن لا يمكن القول إن التدين الواعي هو كثرة التعبد لله أبداً إنما المعنى الحقيقي هو امتلاك قيمة أخلاقية تسير به نحو النجاة بمعرفة وتدبر معنى الله في أرضه.. وليس التخفي بعباية الدين وجعلها سترا له، الوعي الديني هو وعي في معنى التعامل مع الإنسان، الغاية وكيف نوظف أعمالنا وأقوالنا بالتقوى القلبية والأثر الداخلي والخارجي للعبادة. وبالتالي الدين عبارة عن منظومة عبادية متكاملة تجمع علاقة المسلم بينه وبين ربه ومجتمعه. وكم من عبد الله مئات السنين ولم تنفعه عبادته شيئا.
لذا التعبد ليس طقوسا في أوقات محددة إنما العبادات بوجه عام هي لحظات مكافأة للروح بصورة راقية تعبر عن معنى الوعي الديني. والناس بفطرتها تميل لمن يمثل توجه السماء من خلال الحب والألفة والجمال وحسن الخلق.
طرحنا مناقشة قبل شهور حول ما تحدثنا عنه سابقاً عبر صفحتي في الفيسبوك وكان السؤال كالتالي هل التدين يعني كثرة التعبد لله وكانت النتيجة كالتالي p لا و0نعم وهذا ينم عن ارتفاع مستوى الوعي لدى المجتمعات الإسلامية لربما لو طرحنا هذا السؤال قبل 30 سنة لكانت النتيجة عكسية، بالنتيجة التدين مظهر إسلامي جميل يعني القرب من الله والقرب من الناس في مساحة واحدة
[/JUSTIFY]
عباس المعيوف
كاتب وناشط اجتماعي