تزوج الشاب وجاهزيته تامة ليؤكد حجز إقلاعه .. توجه لجده مودعاً له وملتمساً دعوة محب لما يقال 🙁 ما أغلى من الولد إلا ولد الولد).
الجد بعد طقوس الوداع والدعوات قال لأبنه: يا بني أوصيك بوصايا .
قال الابن لجده : تفضل يا أبه وأنا لك من الطائعين .
قال الجد: أوصيك بثلاث لتنال مرادك بإذن الله “دع الله نصب عينيك في كل خطواتك والزم زوجتك وكن لها الوطن وخذ معك شيئا ً من الوطن .
التفت الإبن : شيئاً من الوطن ؟ !
كيف يا جدي؟!
نعم بني خذ معك شيئاً يسيراً من تراب أرضك ،فحين تشعر بالغربة أو يقف عليك الجهد دون الجد… شمّ التراب لتقوى بتذكرك الوطن ،ولمَّ كان مقصدك .
عمل الشاب على نصيحة جده ،وأخذ شيئا ً نقياً من تراب الأرض ثم وضعه في صندوق صغير ،وتوكل على الله ،ليحمل الأمتعة ويسافر بتلك الوصايا.
دخل المطار مع زوجته متوجهاً لسير الأمتعة لدخول قاعة المغادرون بعد “البوردنق” .
وضع الحقائب والصندوق ،وعبر بوابة التفتيش وإذا بصوت رجل الأمن ( لمن هذا الصندوق؟).
قال الشاب : لي ما الأمر؟!
قال رجل الأمن ماهذا ؟
قال الشاب :شيئاً من التراب!.
قال رجل الأمن يجب أن نرسل هذا الصندوق للمختبر لنعرف ذلك!!
الشاب : عزيزي قد تفوتني الرحلة ،أرجو أن ترشدني للمسؤول كي ينظر في الأمر.
رجل الأمن :وهو كذلك ،وكتب محضر بضبط صنذوق يجب إحالته للمختبر والتحقق منه فتقابل الشاب مع المسؤول وشرع بالاستفهام عن الموقف.
المسؤول :ما الذي بالصندوق ؟ ولماذا؟ وأين وجهتك ؟.
أجاب الشاب بالتفصيل عن نصيحة جده ،وبابتسامات الرجل المسؤول بعدما أجابه عن الأسئلة.
الرجل المسؤول :جميل جداً تراب ها…
لا مانع من أن نتحقق،فهناك تعاميم تتطلب القيام بتفعيل مهامنا عليها لهذه الحالة.
الشاب :(يا طويل العمر ) أخاف أن تفوتتي الرحلة .
الرجل المسؤول: لا عليك سأتدبر الأمر،وأرفق محضر ضبط رجل الأمن مع شرح ما دار من تحقيق .
أقلعت الطائرة في لحظة انتظار النتائج.
المختبر :قرأ المحضر والشرح ،وقام بالتحليل ،وأرفق تقريراً بالنتائج وكتب عبارة (تراب الوطن ) بالصندوق ،وأرسله للرجل المسؤول.
تقدم الشاب بشكوى لمدير المطار بما حدث ،وطلب الإفادة والتعويض.
قام مدير المطار باستدعاء اطراف الشكوى ليرى في موضوعه.
حضر مكتب المدير :(رجل الأمن ،الرجل المسؤول، فني المختبر ومدير المطار ذاته صاحب الاستدعاء)
قرأ المدير التقرير ،ومحضر الضبط ،وختام عبارة ( تراب الوطن) بالصندوق .
فقال: أيها الشاب أنت مبتعث للوطن ،ورجل الأمن ضبط المحضر للوطن ،والرجل المسؤول قام باللازم لأجل الوطن.
كلنا اجتمعنا لأجل هذا الوطن ،فتراب الوطن غالي فلا تستهن بهذا الموقف.
ثم أمر الشاب بالتوجه للبوابة رقم كذا لوجود رحلة لذات الوجهة معتذراً له عن التأخير مبيناً مسؤولية الموقف والتعويض بمقاعد أوجه وأرقى.
تمت بعونه تعالى.
الخلاصة:
كلنا مواطنون والكل يسعى لتحقيق الواجب عليه ،والمأمول وفق المسؤولية التي هي على عاتقنا جميعاً ، فلنحاول تفهم دور كل منّا ،وتحمل روتين متطلبات العمل المعني لخدمة الوطن وشكر الجهود دون التراخي والإهمال.
[/JUSTIFY]
بقلم الدكتور / عبدالله البطيّان