[JUSTIFY]قدم المستشار الدكتور عماد الرمضان أمسية بعنوان ” الصداقة ” والتي تأتي ضمن أنشطة وبرامج ملتقى الأحساء الإجتماعي خلال شهر رمضان المبارك حيث بدأ الرمضان أمسيته بتعريف الصداقة قائلاً : أنها علاقة إجتماعية وثيقة تقوم على مشاعر من الحب والجاذبية والميول المتبادلة والمشتركة
وأضاف الرمضان الإنسان بطبيعة الحال كائن اجتماعي لا يمكن أن يعيش بعقلية متجددة وهو وحيد فكان لابد من وجود من يقاسمه حياته واهتماماته وميوله وفي هذا السياق يقول افلاطون : أن أشق أنواع الصداقة صداقة المرء لنفسه فكل إنسان في حياته يبحث عن صديق حيث يقول الشاعر : صديقي من يقاسمني همومي ويرمي بالعداوة من رماني وينصرني إذا ما غبت عنه وأرجو وده طول الزماني
كما أشار إلى أنواع الصداقة بالمثل الإيطالي فهم الأصدقاء ثلاثة : صديق يحبك وصديق يكرهك وصديق يغار منك . ثم تحدث حول أنواع الصداقة بشكل أكثر دقة وعمق فهناك : صداقة المنفعة وهي صداقة مادية لا روح فيها ولاطعم صداقة مصلحة وحاجة تنتهي بالحصول على ماديات فانية أمام القيم الأخلاقية الحميدة الباقية من مشروع الصداقة الحقيقية وفي معظم الاحيان تنتهي علاقة الصداقة
حينما تدخل الماديات حيث يلخص مارك توين ذلك بقوله : تدوم الصداقة مالم يتخللها اقتراض الأموال وهناك صداقة اللذة وهي صداقة تقوم على الحصول على لذة الكلمة أو المشاعر صداقة تبنى بشكل عاطفي وهي قابلة لتغير السريع لأنها تعتمد على الشهوة أو الرغبة التي ما إن تنتهي تضمحل وتختفي فالمثل الإنجليزي يقول : الصداقة غالباً ما تنتهي إلى حب ولكن قلما ينتهي الحب إلى صداقة
وأسترسل الرمضان بقوله : صداقة الفضيلة هي صداقة لا تعتمد كسابقاتها على المادة والشهوة بل على الأخوة والحب الصادق في الله هي صداقة يصفها أرسطو بقوله : الصداقة روح في جسدين صداقة منبعثة من روح تدرك معنى كلمة الصداقة لتنبعث فيها الأفكار والرغبات والأماني جميعاً بلا ألفاظ كما يعبر عنها جبران خليل جبران
وأوضح أن الابناء تستمع للأصدقاء أكثر من الآباء حيث يرجع السبب في ذلك لوجود الفجوة الكبيرة بين فكر الابناء الحديث وفكر الاباء القديم كما يراه الكثير من الابناء من وجهة نظرهم فهم يجدون أن آباءهم يعيشون عصراً قديماً ويقاومون عصر التكنولوجيا وعصر الانفتاح والثقافة الالكترونية عصر مختلف بكل المقايس فيه يستمع الصديق لصديقه أكثر لأنه يشابهه في اسلوبه وثقافته اكثر من والديه
وقدم الرمضان نصيحة لكل شاب فقال فيها ما قاله الشاعر :إذا كنت في قوم فصادق خيارهم ولا تصحب الاردى فتردى مع الردى ومن الصداقات التي نصح بها أيضاً صداقة الكتاب حيث أن خير كتاب نصادقه هو القرآن الكريم سيد الكتب وأشرفها الذي وللاسف الشديد يهجره الكثيرون ويغفلون عنه في كثير من الأيام غير مدركين لأثره وقوة كلماته وحروفه في انعاش حياتهم وتجديد أفكارهم واراحة نفوسهم ثم تأتي من بعد هذا الكتاب المعظم سائر الكتب المتنوعة التي ترفع الوعي النفسي والفكري والتي يتوجب التزود منها بالقراءة والاطلاع وصدق أبو الطيب المتنبي حينما قال :وخير جليس في الزمان كتاب
كما ذكر صداقة الطيبين أيضاً وهي صداقة أهل الخير الناصحين المحبين وليست صداقة الاشرار الحاقدين الماكرين والتي يمكن تلخيص مفهومها في قول الإمام علي عليه السلام من صاحب الأنذال حُقِر ، ومن جالس العلماء وقر .وأبيات أبو خالويه القائلة : من لم تكن في الله خلته فخليله منه على خطر إذا ما كنت متخذاً خليلاً فلا تثقن بكل أخي إخاءِ فإن خُيرت بينهم فالصق بأهل العقل منهم والحياء
ومن الصداقة المهمة صداقة الابناء وهي الصداقة التي شبهها بتشابك الاصابع فيما بينها وتداخلها بشكل قوي وليست تلك العلاقة المتباعدة التي تعتمد على تلك الكلمة دون المشاعر فمتى ما أستطاع الاباء كسب صداقة ابنائهم فإنهم سيشعرون بالطمأنينة والانجاز بالحياة لأن الابناء هم امتدادهم الطبيعي بالحياة والتعايش والفهم الكبير لهم حتماً ستكون له نتائجه الايجابية على المستوى العائلي وعلى المستوى الاجتماعي لأنهم سينخرطون بالمجتمع بفكر محب فالمثل الألماني يقول : من كان له أبناء لا يبقى فقيراً طويلاً ، ومن ليس له أبناء لا يبقى نبيلاً طويلاً .
من جانبه تحدث الرمضان حول الزوجة فقال هي : صديقة العمر لكل رجل محب مخلص هي الشجرة التي تثمر الذرية الصالحة فمتى ما كان الرجل مدركاً لأهميتها ووجوب احترامها فإن ثمارها ستكون طيبة لأن التربية تنبع منها فهي مدرسة المعرفة ونور الحب للأبناء ومصدر الحنان لكل من الوالد والولد فصداقتها تضمن لنا بعون الله اعداد عائلة صالحة يسودها الجو الديمقراطي في الحوار والتربية .
وأختتم الأمسية بأبيات شعريه تبين اهمية الأصدقاء وندرة وجود الصديق المخلص يقول الشاعر : لما رأيت بني الزمان وما بهم خل وفي للشدائد أصطفي فعلمت أن المستحيل ثلاثة : الغول والعنقاء والخل الوفي فحقيقة القول أن الخل الوفي موجود بإذن الله لكن الشاعر ولقلة وجوده شبهه بالمستحيل وفي الختام دعا للجميع وجود الخل الوفي الصديق الصادق الوفي الذي وصفه الإمام الشافعي رحمه الله بقوله : سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديقاً صدوق صادق الوعد منصفا
[/JUSTIFY]