
أنا لست بخير… ولا بأس في ذلك. في ركني البارد، أختبئ من صخب العالم، أضمّ روحي إليّ كمن يربّت على طفل خائف، أبحث عن دفء لا يأتي من كلام، بل من صمتٍ يفهم، ومن حضنٍ لا يسأل: “لماذا؟”، لا أحتاج علاجًا سريعًا للوجع، ولا جملًا تُعيد ترتيب ألمي كما يشتهي الآخرون، أحتاج فقط إلى أن أُحتوى… أن أُرى كما أنا، بكُسري، بصمتي، بانطفائي الذي لا يعني هزيمة، بل عبورًا.
ينادون من حولي بالإيجابية المطلقة… وكأن الانكسار خيانة، وكأن البكاء ضعف. لكنني أقولها بصدقٍ لا يخجل: الإيجابية ليست قناعًا دائمًا من الابتسامات، بل أن أنكسر حين أحتاج، أن أبكي حين تضيق روحي، ثم أنهض، حين أستطيع، لا حين يُطلب مني.
أعلم أن هذا الوقت سيمضي، وأن عقارب الزمن لن تنتظر انكساري، لكن ما يُرهقني ليس الوقت، بل الأحكام، تلك النظرات التي تُدين، وتلك النصائح التي تُمزّق. كل ما أريده: صمتٌ يحتويني، حضورٌ لا يطلب تفسيرًا، وكتفٌ أستند عليه دون أن يُحمّلني عبء الشرح.
كم من النفوس كانت تراني فقط من خلال عطائي وابتسامتي، وغابت حين انطفأت… لكن الحمد لله، على القلوب الطيبة التي لا تراك من الخارج، على الأصدقاء الذين لا يتخلّون، على الأرواح التي تقول لك دون صوت: “أنا هنا، دون شروط، دون قيد.”
لا بأس يا صديقي… دعنا نربّت على أكتافنا… لا لنُصلح بعضنا، بل لنحتوي بعضنا. وفي هذا الصدق، في هذا السلام غير المشروط، يولد الأمل من جديد — لا كضوءٍ ساطع، بل كنبضٍ خافت… يتسلل من بين الشقوق… ويهمس: ما زلتَ قادرًا على النهوض… حين تكون مستعدًا