
الموقف الثاني:
همسة:
احمل في جيبك مساحة وفي فكرك لكي تمسح كل ما يعكر صفوك وذنبك.
في زيارة إلى أحد المجالس، وإذا كان بجواري أحد الجالسين، وجد عندي مساحة سبورة قديمة من التراث الجميل.
قال لي: “ماذا تفعل بهذه المساحة التالفة وكأنها من عصر السبورة السوداء والطبشور؟”
قلت له: هذه أداة لها عدة استخدامات مفيدة.
قال لي: “وهو يتهكم، أعمل لها مقامًا ومزارًا مثل بعض البلدان التي جعلت كل شيء له مقام ومزار، تسترزق منه، وتحملهم إلى التخلف والسذاجة، وتستغل بساطة الناس وحاجتهم إلى العلاج، ولضيق ذات اليد كما يقال: ‘الغريق يتعلق بقشة”
غريقًا يبحث عن سبيل للنجاة، وجد نفسه في بحر تتلاطم أمواجه؛ حاول العوم فلم يفلح، بحث فلم يجد قارب نجاة، صرخ فما وجد مجيبًا! وفي محاولاته المستميتة للخلاص من ورطته، وجد قشة ضئيلة، فتمسك بها لعلها طريق الحياة، “القشة التي قصمت ظهر البعير”.
قلت له: هذه المساحة تستخدم لمسح الذنوب إذا مرت على الرأس، وكذلك على الدماغ لتفرغه من الذاكرة العشوائية وتفرغ الملفات غير المرغوبة. وإذا مرت على القلب، جعلت منه يهدأ ويتزن.
وهنا فتح عينيه وحدق بي
وقال: “أجل، طبق فكرة المزار والمقام المساحة واحصل على موافقة وقبول من المجتمع، واعمل لها دعاية في وسائل التواصل الاجتماعي التي تطول كل شيء، أهم شيء المال والانتشار، وتحقق لايك ومشاركة وإعجابا وتعليقا ودعم القناة بالنشر.
قلت له: الدنيا مملوءة بالمغالطات، ولكن علينا أن نستفيد من أهل العلم والمعرفة. ولا ندعي علم ما لا نملكه. علينا الاقتداء بالإمام الصادق عليه السلام كما روي عنه: “العالم والمتعلم في الأجر سواء”.
وقال عليه السلام: “طلب العلم فريضة من فرائض الله”.
وقال عليه السلام: “طلب العلم فريضة في كل حال”.
ونختم بما روي عنه عليه السلام: “لست أحب أن أرى الشاب منكم إلا غاديًا في حالين: إما عالمًا أو متعلمًا. فإن لم يفعل، فرَّطَ. فإن فرَّطَ، ضَيَّعَ. فإن ضَيَّعَ، أَثِمَ. وإن أَثِمَ، سكن النار، والذي بعث محمدًا بالحق”.
يقول الشاعر أحد الشعراء:
“أنا لن أعاتب من أساء لخاطري
فات الأوان على عتاب أحبتي
أنفقت كل مودتي من أجلهم
حتى احترقت، وتلك كانت زلتي!”
كم معلم استفاد من طلابه، كم من قائد استشار أحد جنوده، كم من طبيب أخذ بنصيحة أحد مرضاه؟
لذلك، مكانتك وشهادتك مهما كانت، لا تغنيك عن الاستفادة ممن هم دونك في نظرك.