أوضحت خبير و مدرب تعزيز صحة وجودة حياة الدكتورة أمل عبدالرحمن الجودر ، أن العالم يشهد اليوم تغييرات كبيرة وتطورات عديده وتحولات متلاحقة ومتداخلة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والإعلامية والثقافيه والاجتماعية جعلت العالم قرية واحده وهو ما يطلق عليه مصطلح “العولمة”.
وتابعت: لعل ما سارع في حدوث العولمة ثورة المعلومات والتقدم النوعي في وسائل الإتصالات التي أدت إلى اختصار الوقت المطلوب حتى أصبح بالامكان وصول كل ما يحدث في خارج محل اقامتنا في نفس وقت حدوثها ، فظاهرة العولمة فرضت علينا عدة تحديات ، حيث قضت على أسس النظام العالمي القديم وبدأت في ترسيخ كيان جديد، سمته التغيير المستمر في كل مجالات الحياة ، وعليه إذا لم تقم المؤسسات الاقتصادية بتطوير أنفسها والاستجابه للمتغيرات أولا بأول ستكون في عداد الموتى كما حدث لعدة شركات مثل شركتي كوداك وتويز ار از .
وأضافت: أصبحت الحاجة ملحة لتكوين تجمعات وتحالفات اقتصادية وطنية وإقليمية لمواجهه اشتداد المنافسة العالمية والاعتماد على البحـث والتطوير كأساس لخلق الميزات التنافسية للمؤسسات ، وهنا يأتي دور الابتكار والإبداع ليضفي على المنتوجات والخدمات ميزه تنافسيه عاليه ويضمن رضا الزبون وولائه . إذ إن السؤال الذي يفرض نفسه ما المقصود بالإبداع والابتكار وهل هما يعنيان نفس المفهوم أم هما مختلفان وهل هما أمور فطرية يولد الناس بها أم هي أمور مكتسبة يمكن تعلمها والتدرب عليها ، وهل هناك فئات أكثر قدرة وإن كان الأمر كذلك فمن أقدر الناس عليها.
وتواصل خبير ومدرب تعزيز صحة وجودة حياة الجودر حديثها قائلة: الإبداع يعني القدرة على توليد أفكار لخدمات أو منتوجات جديدة أو توليد أفكار جديدة لتقديم منتوجات وخدمات معروفه قديمة ، في حين ان الابتكار يعني اختراعات جديدة والقدرة على تطبيق الأفكار الإبداعية إلى حيز التنفيذ ورائد الأعمال الناجح هو المبدع المبتكر ، فلا يكفي أن تكون لدى الفرد أفكار مبدعة إذا لا يستطيع تنفيذها ، كما انه لايمكن للشخص أن يبتكر قبل ان تكون لديه أفكار إبداعية، باختصار يكون الإبداع أمرا نظريًا حين الابتكار أمر عملي تطبيق وتنفيذ الافكار المبدعه .
وقالت إنه من المهم معرفة إن الابداع والابتكار مهارات يمكن تعلمها من خلال الاطلاع والتدريب والتطبيق العملي والجرأه على التجربة، واعتبار الفشل فرص للتعلم والمثابرة على التجربة للوصول إلى الهدف ، كما فعل اديسون في اختراعه المصباح الكهربائي فلم ييأس بالرغم من محاولاته التي كانت بالآلاف “نافذة جوهاري” عبارة عن أداة وضعها عالما النفس جوزيف لوفت وهارينغتون انغهام في عام 1995 وتُستخدم لمساعدة الناس على فهم علاقتهم مع أنفسهم ومع الآخرين بصورة أفضل، تُستخدم “نافذة جوهاري” للمساعدة الذاتية كأحد تدريبات التقييم ، وقد أطلق لوفت وانغهام على اختراعهما اسم “جوهاري” بعد أن قاما بدمج اختصار اسميهما ، وتفترض “نافذة جوهاري” ان في حياة كل شخص منا أربع مناطق على النحو الآتي: المنطقه المفتوحه وهي ما تعرفه عن نفسك ويعرفه الآخرون عنك وهي تصرفاتك وسلوكياتك في العلن والمنطقه العمياء.
وهي ما يعرفه الآخرون عنك ولا تعرفه انت عن نفسك وتشمل : عاداتك اللاواعية وتعمد الآخرين على اخفائها عنك خوفا من ردة فعلك ، ويمكنك تقليصها بالحصول على التغذية المرتدة وسؤال الآخرين وتقبل الآراء بصدر رحب ، والمنطقة الخاصة وهي ما تعرفه عن نفسك ولا يعرفه الآخرون وتشمل الأسرار المخاوف الاجندة المخفية وتعتمد على ما يريد الشخص اخفائه ، والمنطقه الرابعة ما لا تعرفه عن نفسك ولا يعرفه الاخرون عنك تشمل على الإمكانات المخفية والمواهب والفرص وعادة ما تظهر في وقت الأزمات، وتعتمد أيضا على مدى انفتاحك على الجديد والتجربة والاكتشاف والابتعاد عن منطقه الراحه.
ومضت الجودر قائلة: أهم ما يعيق تقدم أي شخص منا هو جهله بمنطقته العمياء والمنطقة المجهولة لذا لإكتشاف المنطقه العمياء عليك بسؤال أفراد أسرتك وأصدقائك وجيرانك ومن يعمل معك كل ما لا تعرفه من اجاباتهم هو منطقتك العمياء ، أما المنطقة المجهولة فبدلا أن تكون مقتصرة على الأزمات عليك أن تكون مبادرا بالتجربة والفضول والاكتشاف ، وكما يقول المثل الحاجه أم الاختراع ، فما الأزمات إلا مشاكل وصعوبات ولأن الحلول للمشاكل هو قلب الاختراعات فنرى مع كل أزمه ولادة مخترعين ومبتكرين مبدعين.
واستدركت : لعل الجميع يتذكر الأزمة الماليه في عام 2008 وما أسفر عنها من تدشين تطبيقات كالانستجرام والواتس اب و أوبر نتيجه تحول الشباب من البنوك والمؤسسات الاقتصادية نتيجه ركودها واتجاههم لاختراع هذه التطبيقات التي تقدر قيمتها اليوم بالمليارات ، ولعل جائحه كوفيد 19 ليست بعيده عنا وما أخلفته من أزمة اقتصادية واجتماعية وصحيه عالميا وأثرت على كل فرد منا بلا استثناء ، وبالرغم من أثارها السلبية الكبيرة إلا انها ايضا كان لها العديد من الايجابيات ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ايجاد نظام تكنولوجي لمواصله العمل والدراسة عن بعد وتحول الكثير من توفير الخدمات الاساسية الحكوميه على الانترنت على مدار الساعه ونظام الدفع من خلال تطبيقات وتسهيلات لوجستية للحصول على الخدمات والمنتوجات ، وكل ذلك أمثله لابتكارات خدمية ساعدت ازمه جائحة كوفيد في ابرازها . وعلى صعيد اخر ساهم المكوث في المنزل في إبراز القوى الكامنة لدى الكثير من الناس بصفه عامه وللشباب يصفه خاصة حيث أظهرت إبداعاتهم وأطلقت العنان لمخيلتهم فمنهم من أكتشف موهبة الكتابة أو الرسم أو الأعمال اليدويه ومنهم من برز في عالم التكنولوجيا.
وتوجه الجودر رسالة للشباب قائلة: رسالتي للشباب أن يثقوا في أنفسهم ويؤمنوا بأنهم حجر الأساس لتطوير بلادهم ، فهم أهم ثروه في بلدانهم وهم المرتكز للتقدم والنمو ، وعليهم أن لايسمحوا لأي من كان أن يقلل من شأنهم أو ينتقص من قدراتهم ، وعليهم أن يحددوا رؤيتهم الشخصية ورسالتهم في الحياه ويتعرفوا على قيمهم ويضعوا أهدافا لحياتهم فهم خليفة الله في الأرض، وأن يتحملوا مسؤولية حياتهم ونجاحاتهم ، وعليهم بالمثابرة و حذف كلمة” فشل” من قاموسهم وإبدالها بكلمه “تحدي” أو فرصة للتعلم وبذل مزيد من الجهد لتحقيق هدفهم ورؤيتهم ورسالتهم في الحياة.
كما يجب على الشباب أن لا ينتظر أزمه جديدة لاكتشافه لقدراته الكامنة بل يبادروا من الآن بالتجربة والخروج من منطقه الراحه والتغلب على الخوف من المجهول ، وعليهم أن يؤمنوا من أعماق قلوبهم بأن التغيير للأفضل قادم لا محاله ولتحقيق ذلك عليهم التواصل مع الله ومع أنفسهم والآخرين من حولهم وللبيئة ، فأن لم يكن الآن فمتى ؟ وأن لم يكن الشباب فمن ؟