قرأنا في بطون بعض الكتب الرياضية النادرة وفي ارشيف بعض الصحف الرياضية قليلاُ عن دورة الألعاب الرياضية العربية وتابعنا بشغف ماكتبه اوائل الصحفيين والمؤرخين حول الحقبة التي سبقت انطلاقاتها والمشاورات المكثفة بين الرجال الذين صنعوا المجد لهذه البطولة ووضعوا حجر الاساس لها … وفي مقدمتهم الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عبدالرحمن عزام الذي طالب مجلس الجامعه في عام ١٩٤٧م باقامة دورة عربية تشارك فيها كل الدول العربية دائمة العضوية في الجامعه لكن بقيت فكرته حبيسة الادراج حتى عام ١٩٥٣ م عندما عاود طرح الفكرة المرحوم احمد الدمرداش توني ( مصر ) عضو اللجنة الاولمبية الدولية ليتم الموافقه على تنفيذها في شهر أبريل عام ١٩٥٣ تقديرا له ومنحت مصر لاقامتها في نفس العام واقيمت بالتحديد في الفترة من ٢٦ يوليو حتى ١٠ اغسطس من ذلك العام بمشاركة ثماني دول عربية تنافسوا في( ١٠ ) عشر العاب رياضية فقط … قرأنا القليل جدا عن اول نسخه للدورة في الاسكندرية عام ١٩٥٣ ثم النسخه الثانيه في العاصمة اللبنانية بيروت بعد اربع سنوات وبتحديد في عام ١٩٥٧ م ثم في الدار البيضاء بالمغرب عام ١٩٦١ م ثم عادت للقاهرة عام ١٩٦٥ ثم غابت حتى عام ١٩٧٦ لتقام في العاصمة السورية دمشق ثم غابت اكثر من عشرة اعوام لتقام نسختها السادسه في الرباط المغربية ١٩٨٥م ….. وشاهدنا اخيرا بعض أحداث ومنافسات هذه البطولة الرياضية العربية عبر الشاشات وماصنعه أبطال هذه الدورة والمنتخبات لتأتينا الفرصة على طبق من ذهب للمشاركة الفعليه فيها وسط اجواء هذا الاولمبياد بحكم المهنة وتغطية احداثها في الدورة التي نظمتها سوريا عندكا كانت في أوج عهدها في اوائل التسعينات ثم في الاردن عام ١٩٩٩ م ثم بجمهورية مصر عام ٢٠٠٧ ثم تجددت وتكررت الفرصة لنا من جديد للتغطية مرة اخرى عندما شاركت الكويت في الدورة الاخالتي عام ٢٠١١ عندما استضافتها قطر المجد ….. تجارب منحتني شخصيا فرصة معايشة الحدث في الميدان وحصيلة من الخبرة الإعلامية في تغطية مثل هذا الحدث العربي الكبير الذي للأسف لايتم بانتظام اسوة بالدورات الرياضية كل اربع سنوات او كل ثلاث سنوات اوحتى كل سنتين او مره كل عام بسبب الاحوال العربية الصعبه والاجواء الرياضية العربية الملبدة بالغيوم وتعصف بها السياسه بين فترة واخرى وكثيرا ماتوقفت هذه البطولة لتعود مره اخرى لأسباب غير مقبوله ولظروف استثنائية …. سجلت ودونت مشاهدات كثيرة ونحتفظ بذكريات وصور جميلة ستبقى عالقة في الذهن …. ومثل هذه اللحظات التاريخية تنتظرها الجماهير العربية منذ زمن بعيد لكن هذه البطولة تغيب حينا وتحضر احياناً ويبدو في الآونة الاخيرة وبعد حصول قطر وبكل ثقة على مفاتيح وصكوك اقامة هذا الاولمبياد العربي عام ٢٠١١ تغير نمط الاهتمام بها ثم جاءت الجزائر ٢٠٢٣ لتعيد للبطولة بريقها وتبث بها الروح من جديد …
ومنذ اللحظة الاولى وعقب اعلان تسمية الجزائر لتنظيم هذا الاولمبياد مباشرة فتحت الابواب على مصراعيها والأسواق والطرقات في عدة ولايات ومدن جزائرية وهيأت كل الظروف والسبل من أجل بطولة ناجحه واصبحت على اهبة الاستعداد لاستقبال جموع الجماهير العربية في ربوع الجزائر في هذه المناسبة والعرس العربي ……ولاشك ان الجزائر تخطو خطوة بعد خطوة حتى اصبحت على اتم الجاهزية لإحتضان هذا الحدث الرياضي … حدث ثري بماضية التاريخي ومتخم بالارقام والاحصائيات والمفاجآت التي تتبدل وتتنوع بين بطولة وأخرى …ومع بروز اساطير ومشاهير ت الرياضيين العرب ستبقى اسماءهم خالده في التاريخ الرياضي العربي ولن تنمحي الا ان البطولة نفسها لاتزال تحبو ولاتحتفظ الا بسجلات متواضعه …
ومع التغييرات النمطية للأحداث الرياصبة في عالم اليوم وتطوراتها الجديدة في القوانين وأساليب اللعب والتدريب وكل مايتعلق في شؤونها ونظامها واحترافيتها باتت تتماشى مع النقلة العصرية وتتواكب مع المتغيرات التقنية الحديثة واصبح هذا الاولمبياد بثوب عصري حديث يلمع بريقه بسبب ثورة الاتصالات بعد ان أصبح العالم قريه واحدة… اصبحت دورة الالعاب الرياضية العربية بوجه آخر وصورة مختلفه الى حد ما ولكن بوجه اكثر اشراقا ولمعانا.
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه متى تقام النسخه التاليه وأين ستقام وهل سيبقى الإنتظار طويلاً وهل سيكون الانقطاع ديدن هذا الاولمبياد العربي مرة أخرى .