
– من هي عقيلة بني هاشم، ومن هي الحوراء ومن هي كعبة الأحزان..؟ بل من هو جدها، ومن أبيها، ومن أمها، ومن أخويها، فمن يجاريها، وهي بهذه المنزلة الرفيعة السامية، وبذلك تكونت شخصيتها، والعقيلة هي العاقلة الكريمة، والسيدة الجليلة .. “حقا إنها كبيرة، وقدوة في كل شيء ..”
– ونحن نتألم، ونتذكر أسرها بعد واقعة الطف .. من مثلها وقد عاشت حياة صعبة أليمة منذ طفولتها..؟ كيف وهي ترى الفقد تلو الفقد بدءاً من .. جدها (النبي ص) إلى أمها فاطمة إلى أبيها علي .. إلى أخيها الحسن ثم رأت قتل أخيها (الحسين ع) بأبشع الصور ..*وهي محتسبة صابرة حتى لقبت بجبل الصبر..؟*
– وقد قال الإمام السجادع فيها.. (أنت عالمة غير معلمة) فهي عالمة آل محمد ع، وزينب الكبرى، والتي لم يرى أحد لها شخصاً طوال حياتها كما تحدث عنها جيران أبيها علي ، وكان لها مجلس في تفسير القرآن خاص بالنساء، ولا عجب في ذلك كيف وقد نزل القرآن في بيوتهم..؟
– وفي عبادتها فقد أشبهت أمها فاطمة وكانت تقضي ليلها بالصلوات والنوافل وحتى في ليلة العاشر صلت صلاة الشكر لله تعالى .. وكانت عندما تأتي لزيارة أخيها الحسين كان يقف اجلالا لها ويجلسها مكانه لذلك (جسدا أسمى معاني الأخوة، والمحبة) ..
– وضربت في الصبر، والتحمل، والثبات أروع الأمثلة .. وهي رسالة لكل إمرأة مسلمة، وأما في الفصاحة، والبلاغة فهذه خطبها شاهدة.. فلا أحد يجاريها، ولم تفرغ إلا عن لسان أبيها .. “علي سيد البلاغة، والفصاحة” ..
– وقد شاءت الظروف أن تكون محل الاختبار، وفي أصعب المواقف .. فنجحت فيه بامتياز، وتحملت المسؤلية كاملة؟ لما تملكه من رصيد كافي من (البصيرة، والوعي) وكانا هما المعينان لها على كل ذلك ..؟
– وفي واقعة الطف والتي اعتبرت من أعظم الأحداث التي مرت على الأمة الإسلامية قدمت إليها شهيدين فداء لأخيها، واستطاعت بكل عزة، وشموخ أن تتحملها وبكل قوة، وعزم وثبات حتى أنها يوم العاشر تأتي أرض المعركة وتحمل الجسد وتقول : (اللهم تقبل منا هذا القربان)..!!
– وقد كابدت السيدة زينب آلام، ومعاناة السبي من كربلاء إلى الكوفة إلى الشام إلى كربلاء ثم إلى المدينة، وعلى ظهور الجمال كأقسى رحلة عرفها التاريخ، وهي تحمي، وتحرس النساء، والأطفال، وهم يطوفون بهم من بلد إلى بلد..؟
– وكانت هي أم المصائب، وهي الصوت الإعلامي الهادر لكل من يريد معرفة ما جرى في واقعة كربلاء الأليمة فلولا وجودها لما كان لها هذا الصدى، وهذا التأثير المدوي، وعندما سألت عما جرى قالت : (ما رأيت إلا جميلا) ..
– وقد عاشت بعد الطف فترة لا تتجاوز السنتين قضتها في الحسرة، والألم على ما جرى على أخيها وأهل بيته حتى فارقت الحياة كأعظم النساء التي عرفتها الأمة الإسلامية محافظة على حجابها وسترها، ولذلك حازت على المثل الأعلى، والقدوة الصالحة للمرأة المسلمة .
– وهذا درس بليغ يقدم لكل النساء .. (بالتمسك بالحجاب، والستر، وفي أصعب الظروف)، ولذلك نتمنى أن تقتدي جميع النساء بسيرة هذه المرأة المؤمنة الصالحة؟ .. وقد أخبرت قبل وفاتها عن الأثر التي سوف تتركه هذه الواقعة على مدى الزمان، وأن ذكرها لن ينطفأ، وسوف يزداد اسمها رفعة، وعلوا لتكن درساً لكل الأجيال .
– فسلامٌ عَلَى الْحَوْرَاء مَا بَقِيَ الدهرُ وما أَشْرَقَت شمسٌ ومَا طَلَعَ البَدْرُ .