قال تعالى : (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)
كثير ما وجدنا أن القرآن الكريم يحارب أغلب السلبيات التي تنشر في المجتمعات خاصة المجتمع الإسلامي، فمنذ جاءت لنا الرسالة المحمدية وهي تحمل لنا دستور حي قضى على ما كان منتشر ويسيء لكرامة الإنسان في الجاهلية : من عبادة أصنام أو وأد بنات أو ربا أو شرب خمور أو عنصرية وغير ذلك.
ـ وفي حديث النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم : (لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، إلَّا بالتَّقوَى)، فمن أخطر الأمور التي تعاني منها المجتمعات قديما والدول جميعا هي مشكلة القبلية أو ما يسمى بالعنصرية سواء كانت على مستوى الدولة أو المجتمع أو القبيلة أو حتى داخل الأسرة نفسها .. فهي سلوك مقيت وغير حضاري وتعتبر هذه المشكلة من أكبر وأسوء المشاكل التي مرت على البشرية طوال تاريخها نظراً لنتائجها الوخيمة على الفرد والمجتمع.
ـ ومنذ أن خلق الله سبحانه وتعالى البشر، والمشكلة لها جذور عميقة متأصلة من بداية الخلق وإلى يومنا هذا، ويعد ابليس لعنه الله هو من سن ذلك عندما أمر تعالى بالسجود رفض وقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين؟
ثم سارت البشرية من خلفه بتفصيل الناس على بعض على أساس مذهبي أو قبيلي أو مالي أو أو لوني … وغيره
ـ وليس للدين والعلم أساس أو علاقة في ذلك لأن من يحملها هو صاحب “قلب أسود”، وعلى الرغم من تعلم وتطور المجتمعات ووصول العلم للقمة إلا أن المشكلة لا زالت منتشرة عالمياً رغم جهود الكثير تاريخياً في محاربتها ومن أجل القضاء عليها أو التقليل من خطورتها.
ـ وكانت قريش ترى أنها الأفضل من جميع القبائل على أساس أن نبي الرحمة كان منها وعلى أساس المال والسلطة والنفوذ في الوقت نفسه هي التي حاربت رسالته..!
وها هي مجتمعاتنا الإسلامية رغم الوعي والالتزام الديني لا زالت تقبع تحت نار العنصرية والقبلية ويظهر ذلك جلياً في مسألة التواصل والزواج فهذه الأسرة لا تناسبنا وهذه ليست في مستوانا ونحن أفضل منهم، وهكذا.
والسؤال لا يزال محير في سبب انتشار العنصرية في مجتمعاتنا وخاصة الولائية منها مع الأسف.
ـ ولا شك أنها مرض العصر وداءه المنتشر ولكن علينا التعايش بسلام ولا نعكر الحياة فيما بيننا ولا نحول الحياة لساحة معارك فيها مهزوم ومنتصر، ولننظر إلى من يعيش حالة السلام وحالة الحرب في ذلك ونقارن بينهما؟ فكم سببت العنصرية للعالم المشاكل وكم حاربت الإبداع والتفوق وقضت على كثير من الكفاءات، وكم عانت دول متقدمة كأمريكا من مسألة الأسود والأبيض.
ـ ولن تحل المشكلة إلا إذا تخلص منها الفرد من نفسه أولا قبل أسرته وقبل مجتمعه؟ وكم من الشعارات رفعت تندد وتحارب هذه الظاهرة السيئة ومنذ زمن طويل ولكن بلا فائدة الناس لا يتغيرون.
ورأينا كيف ساوى الإمام “الحسين عليه السلام” بين ابنه الهاشمي القرشي وبين جون العبد الأسود في الطف، وقد قال الإمام “زين العابدين عليه السلام” عندما سئل عن العنصرية : (أَنْ يَرَى الرَّجُلُ شِرَار قَوْمِه خَيْرٌ مِنْ خِيَارِ قَوْمٍ آخَرِينَ).
وما طرحنا هذا إلا للتذكير بخطورة هذه المشكلة والسعي في حلها، وقد شاركنا بعض الاخوان مشكورين في إبداء الرأي في الموضوع وسوف ننشر آراءهم في موضوع آخر، والسلام خير ختام.