خلال الأسبوعين الماضيين انتشرت إعلانات سياحية لمناطق محددة من المملكة عن طريق شركات تجارية ، وقدمت كل شركة في إعلانها مميزات متعددة زعما منها أنها تجذب بها العملاء من المواطنين والمقيمين الراغبين في قضاء أوقات تبدأ من شروق شمس الصباح وتنتهي بالطرب والليالي الملاح .
ويبدو من خلال تلك الإعلانات أن أصحابها يريدون إيصال السياحة الداخلية للسائح الأجنبي ولكنهم بالخطأ نشروها لمن هم داخل المملكة ، وبدلا من أن يضعوا أسعارا تناسب المواطن وضعوا أسعارا مستهدفة للسائح الأجنبي ، فهل يعقل أن بضعة أيام في منطقة جازان تكلف عشرين ألف ريال ( شاملة الضريبة علشان مانظلمهم ) ؟ وفي إعلان آخر رحلة لثلاثة أيام في منطقة القصيم تكلفتها تزيد على أربعة آلاف ريال للشخص الواحد ؟ وعندما تقرأ برنامج الرحلة تجده لايساوي حتى ربع هذا المبلغ لو قمت بالذهاب على حسابك الخاص وبسيارتك الخاصة ، وهذا ما أنا متأكد منه من خلال تجارب سابقة للأماكن المذكورة في الإعلان ولعل الكثيرون مثلي .
لست هنا أقلل من شأن المناطق والسياحة فيها ولكن احترام عقل المجتمع أمر مطلوب ولايجب أن تمر مثل هذه الإعلانات مرور الكرام على هيئة السياحة التي أرى أنه يقع عليها اللوم بالسماح لمثل هذه الرحلات أن ترخص بمبالغ خيالية عطفا على ما تتضمنه من برامج أقل ماتوصف به أنها استفزازية ولاتراعي الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن الذي أنهكته زيادة وغلاء الأسعار والسلع وكثرة المصاريف الحياتية وصار أكبر همه كيفية المحافظة على الراتب حتى آخر الشهر .
وحتى نعلم أن هذه الإعلانات تمثل استفزازا من ناحية التكلفة فما علينا إلا أن نقرأ كمية السخرية والتهكم التي تصاحبها في وسائل التواصل الاجتماعي لتعكس صورة عامة عن رفض المجتمع لما يسطح تفكيره ( ويستغل جيبه ) باسم تشجيع السياحة الداخلية ، وياليت أن مقومات السياحة لدينا متوفرة ومؤهلة وواضحة المعالم لكان ذلك مخففا من وطأة الاستفزاز في تلك الإعلانات .
وعودا على بدء فإن استمرار تلك الإعلانات لن يزيد الناس إلا ابتعادا عن المشاركة في مثل هذه البرامج السياحية ، فهم يعرفون مناطقهم ويعرفون التكاليف التقريبية وليست الخيالية والمبالغ فيها مثلما يعرفون أن وطننا أولى بسياحتنا ، فهل تتراجع تلك الشركات عن استغلال جيوب الناس باسم السياحة الوطنية ؟
الخاتمة :
يا هيئة السياحة ننتظر منكم ردة فعل إيجابية فماذا أنتم فاعلون ؟