توالت تطورات مهمّة في حياة البشر تحفظ حقوق المؤلف الأدبية والمالية، فإنتاج الفرد الذهني والعقلي يلعب دورًا مهمًّا في حياة المجتمع حيث يسهم في النهوض الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بمستوى الفرد والجماعة، وانطلاقًا مما سلف تبين لنا أنه من صفات الأمم الناهضة إبداعها الفكري حتى أصبح تقدم أي شعب يقاس بما وصل إليه من علم ومعرفة.
والجدير بالذكر قام المشرّع بوضع آلية قانونية تسمح بانتشار هذا الإنتاج الذهني، ومن أهم هذه العقود عقد النشر الذي نظّمه المشرّع السعودي والذي يعتبر من العقود ذات الأهمية لارتباطه بإيصال العلم والمعرفة إلى الجمهور، فقد حاول المشرّع التوفيق بين حقوق الناشر والمؤلف، فالمؤلف عندما يقوم بإنجاز المصنَّف يكون هدفه ليس لاستعمالاته الشخصية و إنما وضعه في متناول الجمهور للاستفادة منه، والحصول على المقابل المالي لجهوده.
وبطبيعة الحال يعتبر عقد النشر الذي يتم الاتفاق عليه بين المؤلف والناشر في الواقع العملي من أهم الوسائل المطروحة لانتشار المصنَّفات.
وبناءً على ذلك اعترف المشرّع السعودي للمؤلف بالحق في تقرير نشر مصنَّفه وتعيين طريقة هذا النشر، ثم بالحق في استغلال المصنَّف ماليًا، فالمؤلف يحصل على مردوده المالي إما بنفسه، أو أنه يلجأ إلى التعاقد مع ناشر ليقوم بمهمّته، فيسعى الناشر لطباعة المصنَّف وعرضه للبيع، وبالتالي يستفيد كِلا الطَّرفين.