أحيل القراء إلى كتاب بنيامين نتنياهو، (مكان تحت الشمس ) الصادر عام 1993 الذي يبين حجم عنصرية نتنياهو وبعد سنوات من إصداره قامت “دار الجليل” بترجمة الكتاب إلى العربية، ويتكون من 438 صفحة وبعد إصداره للكتاب ترأس نتنياهو الحكومة الإسرائيلية منذ عام 1996 حتى يومنا هذا وكل ما طرحه في هذا الكتاب قبل 27 عاما يتحقق حاليا على أرض الواقع صفحة صفحة وبفضل الدعم اللامحدود لترامب.
يقول الكاتب نبال خماش: يتناول الفصل الأول والثاني من الكتاب النشأة التاريخية للفكر الصهيوني ويحذر نتنياهو من خطورة التخلي عن تلك المبادئ، وأهم البنود هو أمن إسرائيل، فالأمن يأتي قبل الاقتصاد والسياسة والسلام.
ويوجه نتنياهو نقدا شديدا لمبدأ التفاوض مع الفلسطينيين والعرب عموما على أساس: الأرض مقابل السلام، ويضع البديل مبدأ: السلام مقابل السلام.
ويؤكد الكتاب على: عدم قابلية التفاوض على الجولان باعتبارها تشكل العمق الاستراتيجي لإسرائيل وضم كامل مدينة القدس وحق الصهاينة في الضفة الغربية والأردن كله، إضافة إلى ضمان استمرار التفوق العسكري والتكنولوجي في المنطقة.
وفي سياق معالجته للصراع العربي الإسرائيلي، يعيد نتنياهو بلورة نظريته العنصرية إزاء العرب، باعتبارهم أمة لا نفع منها، ولا يمكن أن تستقيم في نهج الحضارة إلا من خلال سياسات القوة، وأنه لا يمكن الوثوق بهم، متلونون، يبدلون آراءهم ومواقفهم بسرعة عجيبة، وأن قادتهم يتخذون من القضية الفلسطينية فزاعة لتحقيق أهدافهم الشخصية.
وبناء على هذه النظرية العنصرية تجاه العرب، يؤكد النتن ياهو في أكثر من موضع: أن الوسيلة الأنجع للتعامل معهم ينبغي أن تكون مبنية على مبدأ القوة. ويرسم معالم العلاقة بين إسرائيل والدول العربية وصولا إلى مرحلة السلام، باعتبار أن (قوة الردع المعتمدة على قوة الحسم) هي الصيغة الوحيدة التي يمكن من خلالها العبور إلى السلام، وهي صيغة تنسجم مع الدول العربية باعتبار أن أنظمتها استبدادية، على عكس الصيغة التي على الصهاينة التعامل مع الأنظمة الأوروبية الديمقراطية! واستكمالا لهذه الرؤية، لا يعترف نتنياهو بأي حق من حقوق الشعب الفلسطيني التي تتعارض مع مصلحة ” الدولة اليهودية” واشتراطاتها.
ولكي تأخذ إسرائيل مكانا بارزا تحت شمس المنطقة، يؤكد الكتاب على أهمية التطبيع مع الدول العربية، وتحديدا الدول النفطية، غير أنه أغفل بالكامل، التعهدات التي من المفترض أن تلتزم بها إسرائيل لمرحلة ما بعد التطبيع.
والخلاصة حسب وجهة نظر نتنياهو: لا يمكن أن يكون سلام بدون احتفاظ إسرائيل بقوة جبارة رادعة للعرب، كما على العرب أنْ يفهموا أنَّ السلام لا يتأتى بتقديم التنازلات والانسحاب من أي أرض، لقيام دولة فلسطينية لشعب تم اختراعه بالكذب والتضليل! وفي كتابه يطرح قيام الدولة البديل للفلسطينين.
وحاليا لا يتبنى الصهاينة أن يكون الأردن الوطن البديل، وتم استبداله بالسودان، أو أي أرض بعيدة جدا عن الحدود الجغرافية للكيان الصهيوني، لأن اللعاب يسيل لضم كل من الأردن ولبنان إلى كنف الدولة الصهيونية، لذلك لم تحدد مؤتمراتهم حدود دولتهم الغاصبة.
ويركز نتنياهو في كتابه بشكل كبير على الإرهاب العربي الذي يستشري في العالم، فقد أرجع العنف والقتل المنتشر في العالم إلى القومية العربية والإسلام والمسلمين الذين يكرهون الغرب، لا لشيء إلاّ حقداً على نمط الحياة الغربية وتقدمها الحضاري!ولم يطرح كيف صنع الصهاينة التنظيمات الأصولية المتطرفة، كما لم يناقشِ المجازر والحروب البشعة التي فعلوها في فلسطين ومصر وسوريا ولبنان والعراق، وحتى عندما تطرق نتنياهو إلى مجزرة الحرم الإبراهيمي حينما قام مستوطن صهيوني بذبح المصلين وهم ساجدون، فإنه برَّر ذلك بالرد على الانتفاضة الإرهابية التي أصابت الكثير من المستوطنين.
وقد نجح نتنياهو بعد تأليف كتابه بفترة قصيرة أنْ يصعد لسدة الحكم في إسرائيل، وأن يتوج ملكا بانتخابه مرات عديدة، وأستطاع أنْ يُطبِّق بشكل كبير كل أفكاره، بتحطيم اتفاقيات أوسلو، وسعيه الحثيث بتكثيف الاستيطان بشكل جنوني، حتى لم يعد بالإمكان الحديث عن حل الدولتين، واستطاع أنْ يُطوِّق القدس بالمستوطنات بحيث يجعل تقسيمها مستحيلا، ويحاول بكل قوة السيطرة على سلوان لأهميتها الاستراتيجية.
أما عن عشرات ألوف الفلسطينيين في القدس الشرقية، فإن نتنياهو يعوّل على سياسة القمع والعنف والتضييق وهدم البيوت ومصادرة الأراضي، لإفراغها من سكانها الأصليين ومنع أي فلسطيني من دخولها هذه هي ديمقراطيتهم الزائفة وعنصريتهم الواضحة وحقدهم المتأصل على العرب والمسلمين .
سفيرة السلام والنوايا الحسنة في المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام