توفي مدير الشؤون الصحيه السابق بالطائف ومدير مستشفى الأمراض الصدرية ومستشفى الملك فيصل ومدير إدارة المستشفيات المربي الدكتور موسى احمد بايمين .. بعد عمر حافل بالعطاء في خدمة المرضى والمراجعين لأكثر من أربعة عقود كابد من خلالها الجهد والصبر والمشقة .. حتى نال مجده والثناء الحسن بين الناس .. وقبل ذلك رضى ربه بإذنه سبحانه .
عرفته صاحب نخوة و شهامة و رجوله يندر وجودها في هذا الزمن الذي تتحدد فيه قيمتك بين الناس بما تملكه من دراهم ودنانير .. علمني أصول الإدارة عندما كنت مساعدآ له عام ١٤١٠ للهجرة .. كان إذا حان وقت الصلاة ترك قلمه الذهبي على صفحة المعاملة دون أن ينهيها حتى ينتهي من صلاته لربه ثم يسبح ثم يصلي السنة الراتبه .
كان إداريآ ناجحآ بكل ما تحمله الكلمة من معنى وكان إذا شرح على معاملة موجهه للوزاره فإنها لا تعود أبدآ إلا بالموافقة وكان يوصيني دائمآ و يقول لي : تريد النجاح في الصحه يا إبني ؟ إبتعد عن شيئين : فتنة النساء وفتنة المال الحرام .. كان رحمه الله نظيفآ لا يمشي إلا في الطريق المستقيم و لا يأكل إلا من الرغيف المستقيم ولا تستهويه تباسي الرز ودهن السير والهدايا من تحت الطاوله .
قبل أكثر من عام صليت العشاء في المسجد الذي أمام منزله في حي حوايا .. وبعد الصلاة قمت وارتجلت كلمة للمصلين في شرح كلام ابن القيم في مدارج السالكين عن مقاصد النية .. فتفاجأت بالدكتور أمامي في الصف الأول جالسآ على كرسي قد ابيض شعره و وهن عظمه و هو ينظر إلي في دهشه .. فاستغليت الفرصه لأثني عليه أمام المصلين وقلت هذا هو الدكتور موسى بايمين الذي علمني إدارة المستشفيات وعلمني كيف أشق طريق النجاح فأسأل الله أن لا يحرمه الأجر العظيم .. فبكى بكاءآ شديدآ سالت منها الدموع على وجنتيه التي أرخى معها شقوق الزمن الجميل طوال أربعين عامآ في الصحه .
عندما يكون الأمر متعلقآ بالموت .. لا تملك إلا أن تردد قول ربنا جل في علاه : فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون .
رحمك الله يا أبا عبدالرحمن رحمة واسعة تغنيك عن رحمة البشر أجمعين وجمعنا بك في مستقر رحمته يوم الدين .