من أبسط تعاليم ديننا الحنيف هو التعامل مع الآخرين بكل تقدير واحترام وعدم شحن النفوس مع تقوية أواصر المحبة والتواصل فيما بينهم ومع عدم زوال الحياء بين الناس جميعا” والتي من خلالها قد تزداد الجرأة على الآخرين والتعدي على خصوصياتهم وهو أمر لايقره شرع ولا يقبله دين؟ بل ويرفضه ويمقته كل ذي عقل وهو من الفضول المذموم كما ترفضه الأمم والأديان الأخرى جميعها والله تعالى أوصانا كثيرا” ونهانا عن ذلك ؟ قال تعالى :(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ..) وهذا أبرز ما ورد في ذم التدخل في خصوصيات الناس والحديث في أمورهم الخاصة من طول وقصر وسمنة ونحافة وشعر أبيض وعيب خلقي ؟
وغير ذلك مع أن كل ذلك ليس للإنسان دور فيه بل كله من الله سبحانه ؟ الغريب في الأمر والمستنكر – أن رجل الدين أيضا يتدخل ويملئ شروطه على الناس وكأنه حاكم عليهم وللأسف وهو يعلم حكم الشرع في ذلك وهو بذلك لا يصبح رجل دين حقيقي ؟ ونحن مجتمع فيه من الوعي مايكفي بأن نتأدب ونتخلق بخلق الله تعالى والقرآن والنبي وآله وصحبه لأن التدخل لا يكون إلا في أمر حاصل وليس عبث بمعنى أنه مقصود منه شيء معين في نفس الشخص .
السؤال الآن .. مالذي يدعونا لأن نتدخل في شؤون الآخرين؟ من خلال ذلك سأطرح عليكم بعض الأسئلة – هل نحن نحب الآخرين ونعزهم ونشفق عليهم أم نملك السلطة بما يكفي لان نتدخل في شؤونهم أم نملك وصاية عليهم بحيث يمكن أن نأمرهم أو ننهاهم ؟
والعذر منكم هل نحن سذج أم مغفلين أم أغبياء أم متهورين ماهي الإشكاليات في التدخل ؟
١- قد تطال أعلى سلطة دينية أو حكومية أو عائلية ٢- غير مؤهل لذلك دينيا أو اجتماعيا أو نفسيا” ٣- انه لا يرضى أن يتدخل غيره فيه ٤- انه يغلف التدخل بطابع فكاهي حتى يتقبله الآخر ٥- أنها تشمل السلبيات والايجابيات بلا إستثناء ٦- أنها تحرج الآخرين من غير أن تعلم؟ بسؤال غريب ..؟ ٧- أن التدخل يشحن النفوس ويدمر العلاقات ويخسر الصحبة ٨- المتدخل غالبا ماينظر له بنظرة استصغار وتهميش لأنه لايعرف معنى للقيم والمباديء ٩- سيكون هناك جيل سيء من الصغار لأنه يتعلم منا ١٠- ماذا لو وضعنا في نفس المقام هل نتقبل ذلك؟ ١١- إذا كانت مزاح أو فكاهة فهل هذا الاستهتار يعد مزاح شرعا أم عرفا”؟ ١٢– إنه ينتقدك ويتدخل فيك أمام الآخرين ؟
هذه الأخيرة هي الأسوء – قال سبحانه (لاتَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ..)والسؤال الآخر : هل للتدخل إيجابيات ؟ نعم .. فقط قد تكون من باب رب ضارة نافعة ..؟ فقد يسهم في تصحيح الظواهر السلبية بحيث من هو مسرف قد يتوقف ومن هو متهور يحذر ،ومن هو مستهتر يتنبه؟ ولكنه ليس مبرر لذلك؟ يقول النبي ص (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ ..) نقطة مهمة : من ينتقد الآخرين ويتدخل فيهم هل هو على استعداد لتلقي الجواب والرد .. الذي قد يصل إلى إهانته وتحقيره وإحراجه والمؤسف أنه قد حصلت كثير من هذه المواقف ولكن الكثير لا يستفيد منها – الغريب أن الشخص لم يستشيرك في أموره الخاصة ولم تدفع شيء من جيبك ولم تتكلف وليس عليك ملامة في أي أمر قام به سلب أم إيجاب..؟ ومع ذلك نتدخل..¡
الخلاصة :
إننا بحاجة لوقفة جادة وصريحة لكي نوقف هذا الاستهتار والتدخل في أمور لا تعنينا ..؟ فيجب علينا أن نتعلم أحكام الدين جيدا ،وأن نطبقها وليس مجرد لقلقة لسان؟ وإن نرتقي في حديثنا وإن نتعامل جميع الناس بأعلى مستوى من الأدب والاحترام والكثير من حسن الخلق وأن نعي خطورة ما نقوم به ..؟ وأن نحرص على أن نكون قدوة لأجيالنا الصغار بتعليمهم الصفات الحسنة لا السيئة لكي تسود روح المحبة والتآخي والألفة بين جميع الناس وهذه إرادة الحق جل وعلا على لسان أنبياؤه وأوصياؤه وأصحابه المنتجبين والسلام .