
ما الحياة إلا مسرح مفتوح، نعيش على خشبته متقمصين أدوارنا الصادقة والكاذبة، من أجل سعادة أقرب الناس إلينا، فهي مسرح يجمع كل الممثلين وتفرقهم البراعة والمقدرة على التمثيل، وحدها ثورة الحب التـي نناضل من أجلها بصدق وبأعلى أصواتنا، أمام الجمهور الإنساني متحديين الكل حتى أنفسنا، فيرتد صدى أصواتنا إما بالخذلان أو محبة الناس وادراكهم معنى هذا الحب فيصفق الجمهور.
هدوء يلازم المكان والسكينة قد أسدلت ستارها المزعج، الجدران مظلمة في كل مكان وباردة فأين أنا؟ ولما الظلمة حالكة هنا ؟! إنني لا أرى بوضوح ومن أتى بي إلى هنا؟ لا أتذكر شيئاً عن المكان ولا عن الزمان فكم الساعة الآن ؟!
يبدو أنه لا يوجد أحد هنا، أنتم !! هل يوجد أحد أجيبوني؟ ماذا أفعل؟ إنني خائف جداً والمكان مرعب وليس هناك أحد يريد أن جييبني، لكنني أشم رائحة التفاح الأخضر وكأنه وقت الصباح نعم أشم رائحة النسيم العليل وكأنه ممزوج برائحة التفاح، أتذكر هذه الرائحة جيداً نعم أتذكرها، إني أستنشقها دائماً وليست الرائحة بالغريبة، بالعادة استيقظ على نفحاتها، يتملكني شعور بأنها رائحة قادمة من الجنة، فهل أنا بالجنة؟ لا أظن انها قادمة من الغرفة المجاورة.
نعم هناك صوت قادم إلى هنا، إنهم يقتربون، أسمع صوت خطواتهم، من أنتم؟ هل أنتم عصابة؟ وهل أنا مخطوف؟ ومن هذا الرجل الذي يصرخ معكم؟ وهل ستقتلونا نحن الإثنين؟ أرجوكم أرجوكم أجيبوني، ماذا فعلت لكم؟ أصمت أيها العجوز الثرثار، سأعطيك إبرة مخدرة الآن لا داعي للقلق، والصراخ لطلب المساعدة من أحد، فلن يأتي لك أي مخلوق ليغيثك من الإبرة، ستنام الآن وترتاح قليلاً.
لا لن آخذ تلك الإبرة قالها وهو يصرخ، أنجدوني !! ساعدوني !! أين صديقي أحمد؟ إنها رائحة عطره أعرفها جيداً فهي تسكن روحي وتعطيني أملاً في الحياة، أرجوكم أجيبوني، أين صديقي أحمد؟
وأي صديق تقصد أيها العجوز ؟ لايوجد هنا من يأتي إليك، أقصد صديقي الذي يزورني كل صباح هنا لقد إشتقت إليه ولكلماته التـي تصبرني على هذا الوضع الذي أنا فيه، لقد عرفته سيتأخر اليوم في الخارج لأمر طارئ سيذهب ليشتري هدية جميلة لشخص عزيز عليه، فاليوم أول رمضان وقد بدأ شهر الصيام.
ماذا سأفعل بدون كلماته فاليوم طويل كالقرن والوقت سيمضي كـ شتاء كامل وصوت ذلك الرجل الذي يشاطرني المكان مزعج جداً دائماً يتشاجر معهم رغم أنهم مزعجون إلا أنه مزعج أكثر منهم، عندما يسقط لا أحتمل سماع صوته العالي فقلبي يتقطع حزناً عليه ولا أستطيع مساعدته، فقدماي لا تساعداني على ذلك تباً لهما إنهما مجردتان من الاحساس، ماذا عساي أن أفعل؟ سأسد أذناي بالوسادة وأنام.
يستيقظ بعد مضي سويعات، بعد أن أخذ الإبرة ليهدأ، أسند ظهره على الجدار الملاصق للسرير وقال : لقد تأخر جداً ولكن الرائحة مازالت موجودة في جسدي، أشتاق إليه، نعم هناك صوت قادم ربما هو !! نعم هو !! إنه هو !! الرائحة تزداد بقربي أشعر بوجودها في جسدي وكأنها قطعة مني، من هناك، هل عدت ؟ ولما تركتني هنا وحيداً؟
نعم عدت إليك أخيراً، هل إشتقت إلي ؟ أعتذر على تأخيري، فلقد ذهبت لشراء هدية لك يا أبي، وكل عام وأنت بخير ورمضان كريم، اليوم بدأ شهر الصيام، عسى أن يملأ الله قلبك بالسرور الدائم وعسى الله أن يرد إليك بصرك وذاكرتك ويشافيك من هذه الأمراض جميعاً، ويزيل الغمة عن هذه الأمة، ويكفينا شر هذا الوباء.
1 ping