
إن الإسلام هو دستورنا والمنظم لحياتنا الشخصية والإجتماعية والنفسية والعقلية والأخلاقية والإيمانية ، وهو الكامل الشامل المهتم بحياة الفرد والمجتمع .
وفي سياق ذلك فإن أي سلوك بشري عدواني فهو ليس من الفطرة السليمة ، وهو أشد ما يكون من الكبائر والأثام التي توعدت جميع الأديان السماوية على فاعله ، خاصة إذا كانت موجهة صوب من كان مريضا ضعيفا في جسمه ، أو فقيرا في حاله ، أو صغيرا في سنه ، ففي مثل هذه الحالات يعد هذا العدوان شكلآ من أشكال “التنمر” فيه من الأستبداد والإستفزازات الإجتماعية والإنسانية الشيء الكثير ، والتي نرى مثيلاتها وتطبيقاتها بشكل مزر ومؤلم في وسائل التواصل الإجتماعي ، وبعض وسائل الإعلام الرخيصة رغم أن الله جل شأنه قال بصريح الآية الكريمة : ( ولا تعتدوا أن الله لا يحب المعتدين ).
وإذا كنّا نعلم جيدا بأن خاتم الأنبياء الذي بعث رحمة للعالمين ، يؤكد في أكثر من موقع على مسألة الأخلاق ، وأشهر رواية وردت في هذا الشأن قوله عليه و على آله أفضل الصلاة والسلام : “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، والمفترض علينا الاقتداء بنبيّنا والسير وفق سيرته ، والتقيد بتوجيهاته وتعاليمه ، لا أن نسير على الطريق المعاكس ، فنخالف أقدس شيء عندنا وهو ديننا الذي كرّم الإنسان وحظ على احترامه وعلو شأنه .
لا شك أن الإساءة والنيل من الكرامة والتطاول على الشخصية هو من الأمور المسيئة والمذمومة وفق الناموس الإنساني فضلا عن الديني العقدي ، كونه يسبب للطرف الآخر حالات من الأذى النفسي ، الذي لا أحد يدرك نتائجه السلبية ، لذا ينبغي وهو من الواجب الشرعي والإنساني من كافة أبناء المجتمع التصدي لأي طرف لا يمنح الإنسان حقه واحترامه ، ودعوته بالكلمة الطيبة والتوجيه السليم ، لمنع مثل هذا العنف اللفظي والهجوم المعنوي ، كونه يطال شخص الإنسان وكرامته ، وإن التغاضي عن ذلك يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها ، ولا يتصور مداها .
يأتي هذا الكلام لأننا لا نود أن نرى أو نسمع لا سمح الله ، ما تعانيه بعض المجتمعات من الدول الأخرى ، حالات من التشهير والنيل من الآخرين ، والدخول في شؤون شخصية ممنوعة ، ما يحتم علينا أن نعالج الأمر بالتحذير والتنبيه ، كي تبقى للمجتمع لحمته وقوّته ، خاصة وأن التحديات القادمة ليست طبيعية ، وإنما هي حادة ، فعلينا جميعا ـ مواطنين ومسؤولين ـ أن نقف تجاهها فلا ينبغي أن تجعل هذه الصعوبات والأزمات ، منّا أسدا ونمورا على بعضنا ، بل ينبغي ان تعمق اللحمة الوطنية المطلوبة في هذا الشأن ويقوي أواصر التعاون والمحبة و التحلي بالذوق العام و التسامح بيننا وامتثالآ لقوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) .