ما إن تصل إلى بوابة دخول المستشفى إلا وتصل إلى قلبك الكثير من الإشعارات التي تُنبهك بقيمة حياتك وصحتك التي لم تُقدرها حُزنًا على توافه الأمور .
أولُ إشعار يصل إليك من غرفةِ الطوارىء صوتُ مريضٍ يئن من شدة الألم يُريد فقط من يُخلصه من كل هذا الألم، وثاني إشعارٍ من غرفة التنويم صوتُ مريضٍ يصرخ بسبب طوال أيامه على سرير المرض، وثالث إشعارٍ من جانب غرفة العناية المركزة صوتُ حزينٍ يُسمع الجميع صوته بسبب موت والده الذي غطوه وذهبوا به إلى ثلاجة الموتى.
وبينما أنت تسير بين غرف المرضى يتسلل إليك صوتُ عجوزٍ مُسن أرهقته الحياة، يشتكي لجاره المريض من قلةِ زيارة أهله ومحبيه له، فتذكر جميع شكواك في تلك اللحظة، فلا تجد واحدة من العشر أشدُ ألمًا وحُزنًا من شكوته وغربته .
وعند مرورك في إحدى ممرات المستشفى يمرُ في عقلك شريط حياتك الذي يتكرر كل يوم تقريبًا بنفس الأحداث غير المهمة، والأمور التي أخذت مكانًا أكبرَ من حجمها الطبيعي، والمشاعر السلبية التي جعلتك تهوي إلى العمق أكثر، وكثرة حُب المال والدنيا، والأمور الزائفة التي جعلتك لا ترى الكثير من النعم التي أنعم الله بها عليك، كل هذا أخبرتك عنه تلك اللوحة الموجودة في الممر ” الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى” .
وبعدما استيقظ عقلك من غفلته تصل الآن هُنا أمام بوابة خروج المستشفى للخروج من المستشفى وللخروج إلى حياة أفضل، واضعًا يدك على رأسك وتقول في نفسك إنني الآن لستُ كما السابق أظنُ بأنني لا أملكُ الكثير ،إنني الآن أملكُ أكثر من الكثير أيضًا مازال تاج الصحة فوق رأسي والحمدلله رب العالمين على أكبر النعم وأصغرها .
إشعارات تنبيه للخروج إلى حياة أفضل أتمنى أن تصل إليكم .
تمت أثناء تواجدي في المستشفى ومرافقتي لأخي في غرفة الزيارة .