في أكثر من مناسبة تكون هناك مواقف تعكر الصفو وتكسر الخواطر ويتمنى صاحب الموقف إنه لم يقع في هذا الموقف .
التقيت بأحد كبار السن في زواج أحد المعارف والأصدقاء وكان يستند على عكازه وعندما وصل إلى والد العريس سلم عليه وأخذ يصافحة وينهال عليه بالتبريكات بمناسبة زواج ابنه ولكن الحاج تفاجأ برد الأب عليه بقوله : “لقد أتعبت نفسك بالحضور لم يكن هناك داع لذلك” وهنا كان وقع هذا الكلام على الحاج كخنجر انغرس في قلبه وكأنه لم يأت من أجل الزواج والمشاركة في الفرحة بل من أجل العشاء فقط .
فبدلا من أن ينهال عليه بالكلمات الرقيقة على غرار “سررنا بحضورك” أو “أدخلت علينا السرور” أو “اكتملت الفرحة بوجودك معنا” او أي عبارة لطيفة أخرى لتعبر عن الفرحة والسرور تقديرا واحتراما لمن حضر هذه المناسبة.
وعندما شرح لي الحاج هذا الموقف قلت له ربما هذا سوء تقدير أو يكون قد خانه التعبير من هول المناسبة لكنه لم يقتنع بكلامي وساد الصمت فأخذت بخاطره وأخذت ألاطفه الحديث حتى ابتسم وأحسست منه بعض الرضا .
مرت الأيام وإذا بي أقع في نفس الموقف مع شخص آخر وهو شخصية مرموقة وذلك في حفل زواج أحد أبنائه توجهت إلى صالة الزواج في الساعة العاشرة والنصف وعندما بدأت بالسلام عليه وإذا به يقول “تعرف نحن من أهل القرى ومن عادتنا أن نتناول العشاء مبكرا فإن شاء الله يكون قد تبقى لك من العشاء شيئا”
فقلت له : لقد جئت في هذا الوقت لأني لا أريد تناول العشاء بل جئت لتقديم التهنئة بهذه المناسبة السعيدة وهنا تذكرت موقف ذاك الرجل ومدى تأثيره عليه فعلا موقف يحز في الخاطر .
وهنا ينبغي الانتباه إلى أن من جاء يضرب الفيافي والغفار معطلا كل ما لديه من أعمال ليشارك في الفرحة والسرور بهذه المناسبة وليس تناول العشاء هو من يحمل الآخرين للحضور .
وكذلك هناك موقف آخر كأن تسلم على العريس او أهله ولا ترى ابتسامة أو ترحيبا فقط الاكتفاء بقول : “الله يبارك فيك” وكأن هناك عجز في الكلمات أو جفاف عاطفي أصيب به القوم وكأن الحضور فقط لسد الفراغ في الصالة حتى يقال كان الحضور كبيرا .
هناك موقف آخر صعب جدا يحكى أن جدة العروس كبيرة سن وتحمل على كرسي ذوي الاحتياجات الخاصة حضرت زواج حفيدتها بكل فرح وسرور لكن جاءت إحدى المدعوات قائلة : لماذا أتيتم بالحجية لو تركتموها في البيت مع العاملة أفضل ليس هناك داع لحضورها وكأن حضورها يشكل خللا في جمال القاعة أو يعطي انطباعا غير سار وهنا ردت عليها ابنتها هذه أمي وهي أولى بالحضور وهي مصدر البركة وتاج على الرأس حفظها الله ولاتكتمل الفرحة إلا بوجودها .
موقف أخر شهدته وحز في خاطري عندما حضر أحد البسطاء في العيش قام أحد الشخصيات بتوجيه أمر بعدم جلوسه في المكان المعين لكبار الشخصيات أو الاقتراب من الطاولات الخاصة للعشاء وأخذه خلف الصالةليأكل حتى لايحرجهم بوجوده وكأن الرجل غير مدعو للحضور ….للأسف هناك بعض الأشخاص تأخذه الأنفة وكأنه من عرق خاص بما يملكه من مال أو بما أعطي من جاه .
أخيرا نتمنى من أصحاب المناسبات كالزواج و غيرها أن يتعلموا و يتدربوا على بعض الكلمات التى تعبر عن السرور والفرح ولا ننكر أن هناك من الآباء والأمهات من يجيد فن اللقاء بكلامه الذي يسحر وكما يقال (إن من البيان لسحرا ).
جعل الله الأفراح سببا للألفة والمحبة لا سببا للفرقة بعدم التقدير أو اختيار لفظ أو ابتسامة … ودمتم بخير .