
تشكِّلُ قضايا المرأة في العالم مِحوَراً استراتيجيّاً وحقوقياً متعدِّد الاهتماماتِ والطُّروحات؛ إذ يُنظَر لقضيَّتها بعينِ التحضُّر والتمدُّنِ والعدالة.
وركِّزُ الإسلام في جميعِ تعاليمه وأحكامه على سلامةِ أمر المرأة ورفعة شأنها وتعزيز مكانتها وقدرها، وكان اهتمام الإسلام بقضايا المرأةِ سبَّاقاً ونوعياً؛ إذ إنّه أشار إلى تفاصيل الحقوق وعمومها، فلم يترك قضيَّةً مغلقةً ولا جزئيَّة معلَّقة في حقوق المرأة إلا أنصفها وأسهب في شرحها وتعميمها.
إنَّ الإسلامَ قدْ كرَّمَ المرأةَ وأعطاها حُقوقَها كإنسانةٍ ، وكامرأةٍ ، وعلى عكسِ ما يَظُنُّ الناسُ مِن أنَّ المرأةَ الغربيةَ حصلتْ على حقوقِها ، فقد أصبحَ واجبًا على المرأةِ في الغربِ أنْ تعملَ خارجَ بيتِها لِكَسْبِ العيش. أمَّا المرأةُ المسلمةُ فلها حقُّ الاختيار، ومِنْ حقِّها أنْ يقومَ الرجلُ بِكسبِ القوتِ لها ولبقيةِ أفرادِ الأسرة. فحينَ جعلَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى للرجالِ القوامةَ على النساءِ كانَ المقصودُ هُنا أنَّ على الرجلِ أنْ يعملَ ليكسبَ قوتَهُ وقوتَ عائلتِهِ، ومع ذلكَ فقدْ أعطى الإسلامُ للمرأةِ الحقَّ في العملِ إذا رغِبتْ هي في ذلك، وإذا اقتضتْ ظُروفُها ذلك.
قدْ جعلَ اللهُ سبحانهُ وتعالى العملَ لكسبِ المالِ فرضاً على الرجل، ولم يجعَلْهُ فرضاً على المرأةِ بل مُباحاً لها، إن شاءَتْ عمِلت، وإنْ شاءتْ لم تعمل.
فالعملُ بشكلٍ عامٍ مُباحٌ للمرأة، والشَّرعُ حينَ نظرَ إلى الأعمالِ التي يَقومُ بِها الإنسانُ بوصفِهِ إنساناً جعلَها مُباحَةً لكلٍ منَ الرجلِ والمرأةِ على السواء، دونَ تفريقٍ بينهما، أو تنويعِ أحدِهِما عنِ الآخر.
فالشَّرعُ أباحَ للمرأةِ أنْ تعملَ في الحياةِ العامةِ، كما تعملُ في الحياةِ الخاصة، حيثُ أجازَ لها البيعَ، والإجارةَ والوكالةَ وما إلى ذلك
فكلُ هذهِ الأعمالِ وما شاكلَها جائزٌ للمرأةِ أنْ تُزاولَها ، أما الأعمالُ التي حرَّمَ الشرعُ على المرأةِ مزاولَتَها، هي الأعمالُ المتعلقةُ بالحكمِ فلا يجوزُ للمرأةِ أنْ تعمل بأيَ عملٍ يُعتَبَرُ مِنَ الحُكمِ.
فالتعليم حق من حقوق المرأة ولا يمكن أحد أن يمنعها من حقها فيه، والحمد لله أن من يمسك زمام القرار يدرك كم هو استقرار المجتمع وأمنه مرتبط بدعم فاعلية المرأة ورضاها عن انتمائها ودورها.